سورة يونس ١٠: ٢١
{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِى آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ}:
{وَإِذَا}: ظرف زماني؛ تستعمل في الأمور الحتمية الحدوث، أو الكثيرة الحدوث.
{أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً}: الرّحمة: هي جلب ما يسر، ودفع ما يضر؛ مثل: المطر، والخصب، وسعة العيش، والرّزق، والصّحة… وغيرها.
{مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِى آيَاتِنَا}: الضّراء: مثل: الفقر، والبلاء، والجدب، والمرض، وانقطاع المطر؛ أيْ: إذا أنزلنا على النّاس المطر بعد القحط، والسّعة، والغنى بعد الفقر، والرّخاء بعد الشّدة تراهم ينكرون نعمة الله، وينسبوها إلى غيره، أو يظهرون الإيمان، ويبطنون الكفر، أو يكذبون بآيات ربهم، أو يستهزئون بها، وسمِّي ذلك مكراً في آياتنا. ارجع إلى سورة هود، آية (٩-١٠)؛ لمزيد من البيان في: أذقنا الإنسان رحمة، أو نعماء.
{قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا}: حاشا لله أن يكون ماكراً، وهو سبحانه ليس بحاجة أن يمكر، وإنما قال الله: أسرع مكراً؛ فقط للمشاكلة في اللفظ في المصطلح البلاغي، والله أسرع مكراً؛ أيْ: أسرع جزاء على المكر؛ قادر على أن يجازيهم على مكرهم قبل أن يقوموا به، ويبطله، ويدحضه؛ لأنّه سبحانه يعلم بمكرهم، ويعلم ما توسوس به نفوسهم، وأقرب إليهم من حبل الوريد، والمكر: هو التّدبير الخفي. ارجع إلى سورة الرعد، آية (٣٣)؛ لمزيد من البيان.
{إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ}: رسلنا؛ أي: الملائكة الحفظة الموكلون بالعبد.
انتبه، لم يقل: ما يمكرون، وإنما قال: ما تمكرون؛ الانتقال من الغيبة إلى الخطاب؛ للتنبيه، وإيقاظ السّامع، والتحذير القوي.
{يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ}: يحفظون ذلك، ويكتبونه؛ لمجازاتكم عليه.