سورة هود ١١: ١٥
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ}:
المناسبة: هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: لولا أنزل عليه كنز، وقوله: يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمَّى.
{مَنْ}: شرطية.
{كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}: هذه الآية عامة يقصد بها كلّ إنسان يريد الحياة الدّنيا، وزينتها (سواء أكان مؤمناً، أم كافراً؛ لأنّ ذلك من عطاء الرّبوبية).
{يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}: يطلب ويبتغي ويركض وراء الحياة الدّنيا. وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (١٥٢) من سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} فهذه الآية خاصة بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكر فيها كلمة (الحياة)؛ لأن الموقف كان في معركة أحد، وموقف قتال فناسب ذلك حذف كلمة الحياة من كلمة الدنيا.
{وَزِينَتَهَا} الزّينة: قيل: هي تحسين الشّيء بغيره، والزّينة: قيل: هي الأمر الزّائد عن ضروريات الحياة، ومقوماتها، وتشمل الذّهب، والفضة، والأثاث، والملابس، والخيل المسومة، والمنازل، والقصور، والمراكب.
وجاء بفعل يريد: كفعل مضارع؛ ليدل على التّكرار، والتّجديد، والاستمرار على الإرادة، ولم يقل: من أراد الحياة الدّنيا، وانتهى.
{نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}: الوفاء: يعني: إعطائه أجره كاملاً دون نقص في حقه، كما يحصل بين العامل ورب العمل؛ فإذا أتقن المهنة، والعمل سواء كان مؤمناً، أو كافراً؛ فلا بُدَّ من أن يأخذ أجره كاملاً، والوفاء يتم في الدّنيا والآخرة، ومنهم من قال: في الدّنيا كقوله تعالى في سورة فاطر، الآية (٣٠): {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}.
{وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ}: وهم: تفيد التّوكيد، وتعود على كلّ من يريد الحياة الدّنيا.
{فِيهَا}: في الدّنيا.
{لَا يُبْخَسُونَ}: لا: النّافية؛ نافية للجنس. يبخسون: من البخس: وهو الإنقاص، بخسه حقه بخساً: نقصه حقه، ولم يوفه؛ أيْ: لا ينقصون شيئاً من أجورهم في الدّنيا والآخرة.