سورة هود ١١: ٣٤
{وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِى إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}:
{وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِى}: ولا: الواو: عاطفة، لا: النّافية.
{يَنفَعُكُمْ نُصْحِى}: النّصح: الإرشاد، والدّلالة على الخير.
{إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ}: إن أردت أن: حرف مصدري؛ يفيد التّوكيد.
{أَنْصَحَ لَكُمْ}: أنصح: فعل مضارع؛ يدلّ على التّجدُّد، والاستمرار؛ نصح له، ونصحه نصحاً، ونصيحة: تحري ما يصلح له، وأراد له الخير، والنّفع، ودله عليه.
{إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ}: هل يغوي الله سبحانه عباده؟ حاشا لله.
والغواية: هي الضّلال، والبعد عن الصّراط المستقيم؛ أي: الهلاك، والفساد. ارجع إلى سورة الحجر، آية (٤٢)؛ لبيان معنى: الغواية.
{إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ}: يضلكم، أو يهلككم، وهذا غير صحيح، وغوى: بمعنى: خاب، وضل، وانهمك في الجهل، وغابت عنه الحجة، وضاع ونسي.
الجواب: إنّ الله سبحانه لا يغوي أحداً من البشر، وإنما يترك له الخيار ليختار: إما طريق الهداية، وإما طريق الضّلال؛ فإن سار في طريق الضّلال، واختار ذلك لنفسه، واستمر هذا الإنسان العاصي الكافر في طريقه، وأصر على ذلك؛ فالله سبحانه يتركه وشأنه، ويخلي بينه وبين ما يريد من الضّلال، والإغواء، وحين يصبح، أو يصل درجة عالية من الضّلال، والإغواء؛ حينئذٍ لا تنفعه نصيحة النّاصحين، سواء من رسول، ولا نبي، ولا أحد.
ومعنى الآية الإجمالي: لا ينفعكم نصحي مهما حاولت من النّصيحة، والنصح لكم إن كان الله سبحانه يريد أن يترككم في ضلالكم، وغوايتكم الّتي أنتم مصرون عليها.
{هُوَ رَبُّكُمْ}: هو: ضمير فصل للحصر.
{رَبُّكُمْ}: أولى بكم إن يشأ يعذبكم، أو إن يشأ يرحمكم؛ أي: المربي، والمدبر، والحاكم.
{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}: إليه وحده؛ تقديم الجار والمجرور: يفيد الحصر، والقصر إليه وحده مرجعكم؛ إليه ترجعون رغماً عن إرادتكم.