سورة هود ١١: ٣٨
{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ}:
{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ}: فعل مضارع؛ يعني: يصنع الفلك الآن، ويدل على أنّ الصّنع بدأ منذ حين ومستمر، وأمّا في سورة المؤمنون، الآية (٢٧): {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ}؛ أي: في المستقبل، وأتى بصيغة المضارع، ولم يقل: وصنع الفلك (يسمَّى حكاية الحال)؛ ليتصور المستمع عملية الصّنع؛ كأنها تجري أمامه، ونوح الّذي ليس له خبرة في صناعة الفلك، وكأنّه مهندس مختص رغم أنّه لم يصنع أيَّ فلك من قبل.
{وَكُلَّمَا}: الواو: حالية؛ كلما: ظرف زمان.
{مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ}: ولم يقل: مر به؛ لأنّه كان يصنع الفلك في مكان منخفض من الطّريق الّذي يمرون به.
{سَخِرُوا مِنْهُ}: استخفوا به، ضحكوا منه، أو استهانوا به، والسخرية: خاصة بالأشخاص، وأما الاستهزاء عام في الأشخاص وغير الأشخاص بالله، وآياته، ورسوله، وبالجنة، والنار، والزقوم… وغيره؛ ارجع إلى الآية (٧٩) من سورة التّوبة؛ لمزيد من البيان.
ولأنه كان يبني سفينة في البر بعيدة عن البحر، أو أيِّ ماء، وأخبرهم أنها ستجري على الماء، وهم لم يروا سفينة قط.
{قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا}: إن: شرطية؛ تفيد الشّك، أو الاحتمال، ولم يقل: إن تسخروا مني؛ لأنّه شمل نفسه والمؤمنين الّذين آمنوا معه؛ لأنّهم كانوا يسخرون من الكل، تسخروا: فعل مضارع؛ يدل على التّجدُّد، والتّكرار؛ فالسّخرية مستمرة، ولم تنتهِ، ولم يقل: سخرتم.
{فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ}: أي: يوم القيامة، أو عندما يأتي الطّوفان.
{كَمَا تَسْخَرُونَ}: الآن، كانوا يقولون: رسول تحول إلى نجار، أو كيف ستسير هذه الفلك، أو السّفينة على الماء، الكاف: كاف التّشبيه.