سورة يوسف ١٢: ٢١
{وَقَالَ الَّذِى اشْتَرَاهُ مِنْ مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}:
{وَقَالَ الَّذِى اشْتَرَاهُ مِنْ مِّصْرَ}: الّذي اشتراه هو العزيز وزير الملك ملك مصرَ (غير منونة)، وتعني: مصر المدينة المعروفة، ولم يقل مصراً، كما جاء في قوله تعالى {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} البقرة: ٦١؛ أي: أيّ مدينة.
{لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَاهُ}: لامرأته ولم يقل لزوجته. ارجع إلى سورة القصص آية (٩) لمعرفة الفرق بين الزوجة والمرأة في القرآن. أحسني إقامته عندنا بالطعام، والشّراب، واللباس، أو أحسني ضيافته، ونُزله، والمثوى فيها معنى: الإقامة الجبرية؛ لأنه طفل، واشتُري كعبد.
{عَسَى}: أداة رجاء، وتستعمل في الأمر الّذي يتحقق حدوثه فيما بعد.
{أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}: ببعض الأمور؛ أيْ: يساعدنا، أو نتخذه ولداً؛ حيث كان عزيز مصر لا ولد له، وإذا قيل: كيف يتخذه ولداً، وهو عبد له؛ فيه تناقض؛ أي: يعتقه أوّلاً، ثمّ يتبناه، ويتخذه ولداً؛ حيث كان التّبني معلوم آنذاك.
{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الْأَرْضِ}: أيْ: كما أنجيناه من القتل، وأخرجناه من ظلمة الجب؛ مكَّنَّا له بالقدوم إلى بيت العزيز.
{لِيُوسُفَ}: اللام: لام الاختصاص.
{مَكَّنَّا}: والتّمكين يعني له القدرة على الوصول إلى ما يبغيه، ويطمح به من الحرية، والأمن، وممارسة شعائر ملته، والأمر والنّهي، ولا يعني التّسلط والظّلم.
{فِى الْأَرْضِ}: في: ظرفية؛ لأنّ الأرض تضم الأرض، وما يحيط بها من غلاف جوي.
{وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}: تأويل الرّؤيا، والأحلام، تعبير الرّؤى، والأحلام، ولنعلم: الواو: للتوكيد.
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}: أيْ: لا يعجزه شيء، وكلّ أمر يقع، أو يحدث يقع حسب مشيئة الله وحده، ولا راد لقضائه فلا يُغلب، ولا يُقهر، أو الله غالب على أمر يوسف يدبره، ويصرفه كيف يشاء، ولا يكله إلى غيره.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}: أن الأمر كلّه بيد الله وحده، وهو فعال لما يريد، أو لا يعلمون حقائق الغيب، وحكمته، ويأخذون بظواهر الأمور.