سورة يوسف ١٢: ٧٦
{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ}:
{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ}: فبدأ: الفاء: للترتيب، والمباشرة؛ أيْ: أمر يوسف فتيانه بتفتيش أوعيتهم، وكانوا عشرة إخوة قبل أن يفتش وعاء أخيه (بنيامين)؛ كي ينفي عنه الشّبهات بأنّه يكيد لهم شيئاً ما.
{ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ}: ثمّ: للاستبعاد، والتّرتيب الكلامي، أو التّسلسلي في الأحداث، وليس يعني التّرتيب، والتّراخي في الزّمن؛ فتش وعاء أخيه أخيراً؛ فاستخرج الصّواع.
{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ}: اللام: لام الاختصاص.
{كِدْنَا}: من الكيد: وهو التّدبير الخفي، والحيلة، أوحينا إليه بالإلهام، أو الوحي كيف يسترد أخاه بهذه الطّريقة، أو الحيلة، وشبه ذلك بالكيد. ارجع إلى الآية (٥) من نفس السورة.
{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ}: ما: النّافية.
{كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ}: أيْ: لو اتبعوا، أو طبقوا قانون السّرقة في دِين الملك (في مصرَ)؛ أيْ: في حكم الملِك ما كان يحق له، أو يسمح له أن يأخذ أخيه، أو يُبقيه عنده سنة؛ لأنّ قانون الملك أو دِينه ينصُّ على أنّ السّارق يغرَّم ضعفي ما سرق، ويضرب، وهو قانون مغاير لحكم بني إسرائيل.
{إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}: إلا: أداة حصر.
{أَنْ}: حرف مصدري؛ يفيد التّعليل، والتّوكيد؛ أيْ: لولا مشيئة الله سبحانه ما تمكَّن يوسف من أخذ أخيه، وإبقائه عنده.
{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}: نرفع درجات.
{مَنْ}: ابتدائية.
{نَشَاءُ}: بالعلم، والحكمة، والنّبوة، والإيمان.
{وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ}: ذي علم: صاحب علم؛ هناك من أعلم منه، وهكذا يتسلسل الأمر حتّى ينتهي أخيراً إلى الله؛ فهو علام الغيوب، وأعلم العالمين، وعالم الغيب، والشّهادة، عليم بكلّ شيء، ولا يخفى عليه شيء في السّموات، ولا في الأرض.