سورة يوسف ١٢: ٩٦
{فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}:
{فَلَمَّا}: الفاء: للتعقيب، والمباشرة؛ لما: ظرف زماني؛ أيْ: حين متضمِّن معنى الشّرط ألقاه.
{أَنْ}: تشير إلى طول انتظار يعقوب لهذا البشير، وعلمه أنّ يوسف لا زال حياً، ولذلك باعد بين لما وجاء بإدخال أن إشارة إلى استطالة الوقت؛ أيْ: طول الانتظار فمعناها التّراخي في الزّمن؛ كقوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا} العنكبوت: ٣٣، وكقوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا} القصص: ١٩.
{جَاءَ الْبَشِيرُ}: جاء: تفيد المجيء بمشقة، وصعوبة، بينما أتى: تدل على السّهولة، واليسر.
{الْبَشِيرُ}: قيل: هو الأخ الأكبر؛ أيْ: كبيرهم الّذي قال: لن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي، أو يحكم الله لي، وقيل: اسمه يهوذا، جاء ومعه قميص يوسف -عليه السلام- .
{أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ}: ألقاه: الهاء تعود إلى القميص؛ ألقى القميص على وجه أبيه.
{فَارْتَدَّ بَصِيرًا}: الرّدة: العودة إلى الحال الأولى؛ أيْ: رجع يعقوب يبصر، ويرى كما كان قبل فقدان بصره.
فكان قميص يوسف معجزة أولاً بسبب رائحته الّتي سبقت القميص بثماني ليال، وثانياً: حين ألقي القميص على وجه يعقوب ارتد بصيراً.
{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}: قال يعقوب لأهله، ومن حوله عندها: ألم أقل لكم: إنّي أعلم من الله ما لا تعلمون؛ لأنّه نبي، ويوحى إليه.
الفرق بين يأتي بصيراً، فارتد بصيراً:
يأتي بصيراً: كما ورد في الآية (٩٣) من نفس السّورة.
يأتي إليَّ مع كلِّ أهله إلى مصر وهو مبصر.
أما فارتد بصيراً: رجع يعقوب ذا بصر بعد أن كان أعمى فرجع بصيراً؛ أيْ: رجع إلى ما كان عليه من الإبصار؛ كأن لم يصب بابيضاض العينين.
ففي الآية (٩٣) قال: {فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا}، وفي الآية (٩٦): {فَارْتَدَّ بَصِيرًا}؛ أي: ارتد بصيراً أولاً، ثمّ يأتي إليَّ بصيراً ثانياً، أو بعد ذلك.