سورة يوسف ١٢: ٩٨
{قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}:
{قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى}: قال أبوهم يعقوب: سوف، ولم يقل سأستغفر لكم ربي؛ لأن السين تدل على الزّمن القريب، ولأن سوف: حرف استقبال تدل على البعد، والتّراخي في الزّمن؛ أيْ: بعد زمن، أو في المستقبل سوف أستغفر لكم ربي، ولكن ليس الآن، ولكن في المستقبل؛ تعني: أن يعقوب يريد أن يؤجِّل مسألة الاستغفار لهم؛ لكي يسأل ربَّه أن يغفر لهم على ما فعلوه من ذنب فيما بعد، وليس حين سألوه، والحكمة في ذلك: كي يندموا على ما فعلوا، ويشعروا بالذّنب، ويتوبوا توبة نصوحاً، وتدل على عمق الأثر الّذي في نفسه مما فعلوا به وبيوسف.
{إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}: إنّه: للتوكيد.
{هُوَ}: ضمير فصل يفيد زيادة التّوكيد أيضاً.
{الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}: كلاهما صيغة مبالغة تدلان على كثرة المغفرة، والرحمة. ارجع إلى سورة آل عمران، آية (١٢٩)؛ للبيان.
لنقارن قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} آية: ٩١، مع قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} آية: ٩٧:
قالوا ليوسف: {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ}: استعمل إن: المخففة؛ تدل على توكيد خفيف.
وقالوا لأبيهم: {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ}: استعمل: إنّا: المشددة؛ لأنّ إساءتهم إلى أبيهم كانت أشد؛ حيث أصيب بالحُزن، والعمى، واللوعة على فقدان يوسف، وأخيه لسنين طويلة؛ أما إساءتهم مع يوسف كانت لا تقارن مع إساءتهم لأبيهم؛ نعم فعلوا ما فعلوا بيوسف، ولكن أصبح عزيزاً، وعلى خزائن الأرض، ولذلك قال لهم أبوهم: سوف أستغفر لكم ربي. وقال لهم يوسف: لا تثريب عليكم اليوم.