سورة الرعد ١٣: ٥
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}:
{وَإِنْ}: الواو: استئنافية؛ إن: شرطية تفيد الشّك، والنّدرة بالعجب من تكذيب هؤلاء.
{تَعْجَبْ}: الخطاب موجه إلى النّبي -صلى الله عليه وسلم-، وبالتّالي إلى أمته، تعجب من تكذيب هؤلاء المشركين، أو القول بأنّك ساحر، أو كذاب، أو مجنون، أو غيرها.
{فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}: أي: فأعجب من ذلك قولهم: أإذا كنا تراباً أإنا لفي خلق جديد؟! أي: هم لا ينكرون أن يموتوا، ويتحولوا إلى تراب، وإنما العجب إنكارهم للبعث، والحساب.
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ}: والرسول -صلى الله عليه وسلم- شرح لنا ذلك في حديث؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: «كل ابن آدم يبلى إلا عظماً واحداً هو عجب الذَّنَب منه خلق، ومنه يركب يوم القيامة»؛ فقد تبين من الطب: أن الأكتودرم في الجنين تشكل كثيراً من الأجهزة، وبعد ذلك تنسحب إلى نهاية العمود الفقري بعد أن تشكل العمود الفقري، وتلتحم آخر (٣) فقرات، وتشكل عظم عجب الذنب (العصعص)؛ فهو لا يبلى أبداً، وقبل النفخة ـ نفخة البعث ـ ينزل الله سبحانه ماءً من السّماء؛ فينبتون كما ينبت البقل. ارجع إلى سورة الروم، آية (١٩).
ولمعرفة الفرق بين عجب، عجيب، عُجاب: ارجع إلى سورة ق، آية (٢).
{أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا}: الهمزة: همزة استفهام إنكاري، وتعجب، واستعمال إذا ظرفية زمانية للمستقبل، وتدل على حتمية حدوث الموت، وانقلابهم إلى تراب.
{أَإِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ}: أإنا: استفهام إنكاري مشوب بالتّعجب، والنّفي.
{لَفِى}: اللام: لام التّوكيد.
{خَلْقٍ جَدِيدٍ}: بعد البعث، والموت، والجديد: يدل على أنه كان موجوداً قديماً، ثم تجدد؛ أي: خلقوا من جديد بعد موتهم، بينما الشيء المحدث: هو الشيء الذي لم يكن سابقاً؛ أي: موجوداً ثم وجد.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ}: اسم إشارة، واللام: لام البعد. يشير إلى بعد انحطاطهم.
{الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ}: جحدوا بربهم وأنكروا وجوده ونعمه، والباء: للإلصاق.
{وَأُولَئِكَ}: انظر في "أولئك" الأولى، وتكرار أولئك؛ للتوكيد اللفظي، وفصل الأغلال عن النّار.
{الْأَغْلَالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ}: الأغلال: جمع غل، وهو القيد من حديد تشد به اليدان إلى العنق؛ فلا يستطيعون الالتفات يمنة، أو يسرة في النّار.
{وَأُولَئِكَ}: انظر: في "أولئك" السّابقة.
{أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}: انظر: في الآية (٣٦) من سورة الأعراف؛ للبيان.