سورة الرعد ١٣: ١٥
{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}:
{وَلِلَّهِ}: تقديم الجار والمجرور: لفظ الجلالة يفيد الحصر.
{يَسْجُدُ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}: السجود: إما أن يكون سجوداً حقيقياً، وإما يعني الخضوع، والانقياد.
{مَنْ}: هي للعاقل؛ أي: تشمل كلّ عاقل في السّموات، والأرض من الملائكة، والإنس، والجن؛ فهؤلاء يسجدون طوعاً؛ أي: بإرادتهم، وهذا يسمّى سجود الطوع؛ أي: الاختيار، أو كَرهاً: بفتح الكاف؛ أي: عدم القبول والرضا، وقد تعني: الإجبار، ولو قال كُرهاً: بضم الكاف تعني: الرضا والقبول، ولو كان فيه تعب ومشقة كما هو الحال في حالة الحمل فالمرأة رغم مشاق الحمل هي راضية، بل فرحة بالحمل، أما كَرهاً: مثل ترك الديار والهجرة بسبب الاضطهاد والتعذيب، وإذا كان السجود بمعنى الخضوع والانقياد؛ مثل: إصابتهم بالأمراض العديدة، والكوارث، والمصائب؛ فهم خاضعون لحكم الله تعالى؛ فالكافرون، والمشركون: يسجدون سجود الخضوع، والانقياد؛ أي: سجود الكره.
{وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}: الواو: واو العطف عطف الظلال (غير العاقل) على العقلاء فسقوط ظلالهم على الأرض رغم امتناعهم عن السجود يعتبر من عظمة قدرة الله تعالى فظلالهم تسجد بالغدو: أوّل النّهار، والآصال: ما بين العصر، والمغرب. وأما عطف غير عاقل على العاقل، أو بالعكس نجده في بعض الآيات ربما للتغليب أو ربما للجمع.
{وَظِلَالُهُمْ}: الظّل: هو الخيال المقابل للشمس الّذي يظهر للشيء المادي القائم، وظلالهم تسجد طوعاً، وكرهاً، أو تخضع لمشيئة الله بالامتداد، والتّقلص، والفيء، والزّوال.
فأشعة الشّمس أغلبها لا يُرى كالأشعة السينية، وغاما، وما فوق الحمراء، وتحت الحمراء، وأشعة الراديوم… وغيرها.
ومن أشعة الشّمس حزمة صغيرة تسمّى حزمة الضوء المرئي الغير قادرة على اختراق الأجسام الصلبة، ولذلك بسببها تتكون الظلال، أما الأشعة الأخرى: فهي قادرة على اختراق الأجسام الصلبة، وهذه الحزمة حزمة الضوء المرئي: هي سبب تشكل النهار، وتشكل الظلال، والظل: يتحرك فحين تشرق الشّمس من المشرق، يتحرك مع حركة الأرض؛ فحركة الظل يخبرنا ربنا أنها صورة من صور العبادة، والسجود لله؛ أي: من مظاهر الخضوع.