سورة البقرة ٢: ١٦٢
{خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}:
{خَالِدِينَ فِيهَا}: في النار (جهنم) خالدين من الخلود، وهو استمرار البقاء منذ زمن دخولهم إياها، والخلود: البقاء من دون تغيير، أو استحالة.
{لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ}: لا: النّافية.
{لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ}: من شدة العذاب، أو من زمنه، ولو يوماً واحداً، أو ساعة واحدة، كما قال سبحانه في سورة النّساء، آية (٥٦): {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}.
{وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}: ولا: النّافية، هم: ضمير منفصل يفيد التّوكيد في عدم الإنظار.
والإنظار: هو الإمهال؛ أي: لا يؤخرون عن عذابها، أو يمهلون؛ لينظر في حالتهم، بل يبدأ العذاب مباشرة، ولا ينظر إليهم نظرة رحمة، ولا رأفة.
لنقارن آيات اللعن في القرآن، وأنواعه:
١ - البقرة (١٥٩): {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}: {يَلْعَنُهُمُ}: جاء بالفعل المضارع؛ مما يدل على أنّ لعنهم مستمر. ومتجدد، ولا ينقطع لهؤلاء الّذين يكتمون ما أنزل الله من البينات، والهدى من بعد ما بينه الله للناس.
٢ - البقرة (١٦١): {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}:
{لَعْنَةُ اللَّهِ}: جاء بالاسم (اللعنة): ليدل على ثبوت اللعنة عليهم، فلا يتغير الحكم لهؤلاء الّذين كفروا وماتوا وهم كفار.
٣ - آل عمران (٨٧): {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}:
نفس الحكم ثبوت اللعنة على هؤلاء الّذين كفروا بعد إيمانهم، وشهدوا أنّ الرّسول حق، وجاءهم البينات، ثم ماتوا، ولم يتوبوا.
٤ - الرعد (٢٥): {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}: لهم خاصة؛ أي: لهؤلاء الّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض.
٥ - النّساء (٥٢): {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}:
{لَعَنَهُمُ اللَّهُ}: جاء بالفعل الماضي، شيء انتهى ومضى لهؤلاء الّذين أوتوا نصيباً من الكتاب وآمنوا بالجبت والطاغوت.
٦ - ص (٧٨): {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}:
{لَعْنَتِى}: أي: اختصه الله وحده، بلعنته مع أنّ هناك لعنة الملائكة والناس، ولم يقل: لعنة الله، وإنما قال: لعنتي.
(هذا هو أعظم اللعن) عندما ينسب إلى الله -سبحانه وتعالى- .
الخلاصة: عندما يقول سبحانه: لعنتي، فهي أشد وأعظم أنواع اللعن، ثم يأتي أقل منها شدة قوله: لعنة الله، ثم أقل منها شدة قوله: يلعنهم الله، ويلعنهم اللاعنون، وأقل من ذلك شدة قوله: لعنهم الله.
إذن من الأشد إلى الأدنى: لعنتي، لعنة الله، يلعنهم الله، لعنهم الله.