سورة الرعد ١٣: ١٩
{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}:
{أَفَمَنْ}: الهمزة: همزة استفهام إنكاري.
{أَنَّمَا}: أن: حرف توكيد، ما: اسم موصول؛ أي: الّذي، فتكون الآية: أفمن يعلم أنّ الّذي أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى؟
{أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ}: هو القرآن العظيم؛ أي: المؤمن يعلم أنّ القرآن الّذي أنزل الله على رسوله هو الحق، بينما الكافر الأعمى لا يعلم (والعمى هو عمى البصيرة، وليس عمى العين).
{كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}: كمن: الكاف للتشبيه؛ من: للعاقل، وتشمل المفرد والمثنى والعاقل؛ هو: ضمير فصل يفيد التوكيد؛ أعمى: قد تعني عمى البصر، أو عمى البصيرة، وتسمى العمه، وكلاهما يعني: عدم الاهتداء للحق، وما أنزل الله، ولم يقل كمن لا يعلم، وإنما أبدل الذي لا يعلم بالأعمى؛ لأن الأعمى لا يرى ما يجري حوله فقد انتفى علمه عن إدراك الحقائق، ونفى عنه العلم بشكل عام، فكلمة أعمى تشمل من لا يعلم، وأشد وأبلغ من الذي لا يعلم، وهذا هو حال الكافر والمشرك والجاهل.
{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}: إنما: كافة مكفوفة؛ تفيد التّوكيد.
{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ}: يتذكر من الذّكر، وهو العلم الحادث بعد النّسيان، أو الغفلة، وهو حضور المعنى في النّفس، فالحاجة إلى العلم ثم المحاكمة العقلية تحتاج إلى نظر وزمن طويل فيما أنزل إليك من ربك، والتذكر يضاد السهو، إنما ينتفع بالتّذكر، وضرب الأمثال، أولو الألباب الّذين وصفهم الله بالصّفات الثّمانية التّالية الّتي ذكرت في الآيات (٢٠-٢٢).
{الْأَلْبَابِ}: جمع: لب، وهو منطقة في الدّماغ موكل إليها بالتّفكير، والنّظر في الأمور والإدراك، والبصيرة، وتسمّى جهاز لمبيك.
{أُولُو الْأَلْبَابِ}: تعني: الصّفوة من المؤمنين ذوي العقول المنيرة، ومنهم: الرّسل، والأنبياء، والصّديقون، والشّهداء، والصّالحون، والصّحابة، وبعض الحكماء، والعلماء؛ فهم فئة خاصة اختاروا طريق الهداية؛ فهداهم الله، واستجابوا لله، ويفهمون ما يخاطبهم به الله. ارجع إلى الآية (١٩٧)، والآية (١٧٩) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان.