سورة إبراهيم ١٤: ٢٧
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}:
بعد ذكر اجتثت يأتي بكلمة يثبت من التّثبيت.
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ}: يثبتهم على الحق إذا ما فتنوا في الدّنيا في إيمانهم، أو عقيدتهم، وإسلامهم بأن يمدهم بالعون، والنّصر، والصّبر.
{بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}: بالقول: الباء: للإلصاق؛ القول الثّابت: هو قول الحق، أو: لا إله إلا الله، والقرآن، وبالحجة، والبرهان، والسّلطان.
{فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: زمن حياتهم في الدّنيا؛ فلا يميلون عن قول الحق، والتّوحيد إلى الهوى، والشهوات، واتباع الشيطان.
{وَفِى الْآخِرَةِ}: قيل: في القبر الّذي هو أوّل منازل الآخرة حين يسأله الملكان: من ربك، ما دينك، ومن نبيك، كما ورد في الحديث عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- .
{وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}: مقابل التّثبيت للذين آمنوا بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا والآخرة، يضل الله الظّالمين المشركين في الحياة الدّنيا. ارجع إلى الآية (٥٤) من سورة البقرة؛ لمعرفة معنى: الظّالمين.
أي: يمدهم في الضّلالة الّتي اختاروها لأنفسهم، ويتركهم وشأنهم يفعلون ما يشاؤون، وحاشا لله تعالى أن يُجبر أحداً على الضّلال؛ لأنّه لا يرضى لعباده الكفر.
وفي الآخرة: في القبر، يضل الله الظالمين فلا يستطيعون الإجابة على أسئلة الملكين.
{وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}: من التّثبيت، أو الإضلال حسب ما تقتضيه حكمته بدون أي اعتراض أو مانع، ولا معقب لحكمه سواء في الدّنيا، وفي الآخرة.
ما يشاء من المشيئة: فما الفرق بين المشيئة، والإرادة؟
١ - المشيئة: تسبق الإرادة.
٢ - المشيئة: فيها إلزام ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن؛ أمّا الإرادة: فهي إما إرادة عزم لا تقتضي الإلزام؛ تتعلق بأفعال العباد؛ فالله يريد لعباده الإيمان، ولكن لا يلزمهم بالقسر، أو الجبر على الإيمان، أو إرادة حتم تتعلق بالخلق، والتّكوين، والتّسخير، وإحياء، وإماتة، ورزق.