سورة الحجر ١٥: ٢٢
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}:
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ}: الرّياح في القرآن تستعمل في سياق الرّحمة، والرّيح تستعمل في سياق العذاب، والدّمار.
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}: لواقح: جمع لاقحة مشتقة من اللاقح الّذي يلقح الغير ليصير فيه جنين فالنّباتات تتكاثر، ولا بد من حمل عامل الذّكورة للوصول إلى عامل الأنوثة. والأهم من ذلك: أن الآية تتحدث عن تلقيح السحب، فأشعة الشمس تبخر الماء من البحار، والمحيطات، والأودية، والبحيرات، نتح أو تنفس النباتات، وتنفس الإنسان، والحيوان، فالرياح تحمل بخار الماء بشكل سحب، والسحب هذه لا تمطر؛ لأن ذرات بخار الماء خفيفة؛ فيرسل الله سبحانه إليها رياح أخرى محملة بهباءات الغبار، فتلقح السحب الحاملة لبخار الماء، وتصبح ذرات بخار الماء كثيفة حول هباءات الغبار، وحين تصل إلى كثافة معينة تنزل بشكل المطر المبارك.
{فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: الآية تتحدث عن دورة الماء حول الأرض. ارجع إلى سورة المؤمنون، آية (١٨)، وسورة يس، آية (٣٣)؛ للبيان.
{فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ}: أي: أعددناه لسقياكم إن أردتم السّقيا، أو معداً للشراب.
{وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}: ما: النّافية.
{أَنتُمْ}: للتوكيد؛ قادرون على خزنه.
{بِخَازِنِينَ}: الباء: للإلصاق، والمصاحبة؛ فالله سبحانه يخزن لنا الماء النّازل من السّماء، والفائض عن الحاجة في جوف الأرض، والجبال عن طريق الصخور المسامية؛ كي يتيح لنا إخراجه حين الحاجة، أو يسيل بقدر الحاجة، وعلم الإنسان بناء السدود؛ ليخزن الفائض من الماء لحين الحاجة؛ فهناك مساحات كبيرة من القشرة الأرضية ليس فيها أنهار، ولا بحيرات، وفر الله سبحانه الماء لأهلها عن طريق الصخور المسامية، وذات النفوذ القادرة على خزن الماء؛ مثل: الصخور الرملية والّتي تسمح للماء، والغاز بالتحرك، أو الخزن لمئات، وآلاف السنين، والإنسان ليس له دور في خزن هذا الماء، ولا يحفظ هذا المخزون إلا الله سبحانه. ارجع إلى سورة المؤمنون، آية (١٨)؛ لمزيد من البيان.