سورة النحل ١٦: ١
سورة النحل
سورة النّحل الآيات ١ - ٦
ترتيبها في القرآن (١٦)، وترتيبها في النزول (٧٠)، نزلت بعد سورة الكهف، وتسمى سورة النِّعم؛ لكثرة ما ذكر الله فيها من النِعم التي لا تعد ولا تحصى على عباده، كما ذكر القرطبي.
{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}:
{أَتَى}: دنى، واقترب؛ أي: شارف على الوقوع.
{أَمْرُ اللَّهِ}: أي: السّاعة، أو العذاب، وأتى: فعل ماض، والسّاعة لم تقم بعد؛ فالله سبحانه أقام الماضي مقام المستقبل؛ لأنّ الزّمن عنده سواء؛ أيْ: واحد؛ لأنّه سبحانه خالق الزمان، والمكان، وإذا قال الحق سبحانه أتى فالأمر واقع لا محالة، واعتبره وقع وحصل للدلالة على التقنين أو بمنزلة ما مضى، قال سبحانه: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}، ولم يقل: جاء أمر الله؛ لأنّ هناك فرقاً بين أتى، وجاء.
أتى: فيها معنى السّهولة في الإتيان، وجاء: فيها معنى المشقة، والصّعوبة في المجيء، وكون السّاعة، أو العذاب قادم، ولم يحدث بعد؛ فقد استعمل أتى، ويوم يحل، أو ينزل العذاب، أو تقوم السّاعة يقول جاء، وهذا تهديد للكفار، وإعلام بقرب هلاكهم، والله -جل وعلا- قادر على أن يأتي بالفعل كما يشاء.
{فَلَا}: فلا: الفاء: للتوكيد؛ لا: النّاهية.
{تَسْتَعْجِلُوهُ}: الهاء: هنا تعود على يوم القيامة، أو تعود على عذاب الله سبحانه, والاستعجال: هو طلب الحدث أو الشيء قبل وقته, وهو: مذموم غالباً, نقيض العجلة الأناة وهي محمودة.
{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}: فالله سبحانه نهى عن الاستعجال؛ فقال: فلا تستعجلوه، ثمّ قرن النّهي بالتّنزيه له عن الشّركاء؛ فقال -جل وعلا- : {عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
{سُبْحَانَهُ}: تعني: التّنزيه الكامل لذاته، وعمّا لا يليق بجاهه؛ فلا ذات مثل ذاته، ولصفاته، وأفعاله عن أيِّ شيء يوجد في البشر، وغير البشر، وعن الشّرك، والولد، والعجز، والنّقص؛ سبحانه: مصدر سبح.
{عَمَّا}: مركبة من عن: تفيد المجاوزة، والمباعدة، وما: اسم موصول؛ بمعنى الّذي، أو مصدرية.
{يُشْرِكُونَ}: به من الآلهة، والأصنام، والولد، والصّاحبة، والشّمس، والقمر، والكواكب، والأولياء، والأنبياء، والملائكة.
يشركون: جاءت بصيغة المضارع بدلاً من أشركوا؛ لأنّ شركهم بالله يتجدَّد، ويتكرَّر، ولا ينتهي، ويتوقف.
ولا بُدَّ من الانتباه كيف توالى نزول هذه الآيات الّتي تتعلق بيوم القيامة، والسّاعة.
١ - فقد نزلت الآية (١) من سورة القمر أوّلاً: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ترتيب نزول سورة القمر (٣٧).
٢ - ثمّ نزلت الآية (١) من سورة النّحل ثانياً: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ترتيب نزول سورة النّحل (٧٠).
٣ - ثمّ نزلت الآية (١) من سورة الأنبياء ثالثاً: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} ترتيب سورة الأنبياء (٧٣).
وكأنه سبحانه يقول: اقتربت السّاعة، اقترب أمر الله (العذاب)، اقترب الحساب: بالترتيب.