سورة النحل ١٦: ٤٩
{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}:
{وَلِلَّهِ}: تقديم الجار والمجرور؛ اسم الجلالة للحصر؛ أيْ: له وحده يسجد.
{مَا فِى السَّمَاوَاتِ}: ما: لغير العاقل، وصفات العاقل، وما: أوسع استعمالاً من (من في السّموات والأرض)، ما في السّموات كظرف، وكمظروف.
{وَمَا فِى الْأَرْضِ}: من جبال، وشجر، وحيوان، وحجر… وغيرها من المخلوقات. وما في الأرض كظرف، وما فيها كمظروف؛ الكلّ يسجد.
{مِنْ دَابَّةٍ}: من: استغراقية.
{دَابَّةٍ}: اسم جنس؛ تشمل كلّ دابة تدب على الأرض، وتشمل الإنسان أيضاً.
والسّجود قد يعني: الخضوع، أو يعني: السّجود الحقيقي، أو يعني الصلاة، كما قال تعالى: {وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} الإنسان: ٢٦، وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} النور: ٤١، وإذا لم يسجد الكافر السّجود الطّوعي؛ فهو يسجد سجود الخضوع رغماً عن أنفه حين مرضه، أو فقره، أو موته، أو مصيبته؛ فليس في الكون شيء يخرج عن إرادة الله تعالى، وأمره.
{وَالْمَلَائِكَةُ}: فالملائكة لا تدب في السّموات، ولا يقال لهم دابة؛ فهم يتحركون بأجنحتهم، ولذلك قال: من دابة، والملائكة، وقوله: من دابة والملائكة: فيه عطف الخاص (الملائكة) على العام (من دابة)؛ للتوكيد على أن هناك بعض المؤمنين الذين يمشون على الأرض قد تصل منزلتهم منزلة الملائكة، أو أفضل من الملائكة، وهناك من البشر من هم كالأنعام أو الدواب، أو أضل.
{وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}: وهم: ضمير فصل يفيد التّوكيد؛ لا: النّافية.
{يَسْتَكْبِرُونَ}: لا: يتكبرون عن عبادة ربهم، والسّجود له. ارجع إلى الآية (٢٩) السّابقة من نفس السّورة؛ لبيان معنى: التكبر.