سورة النحل ١٦: ٧٥
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ وَمَنْ رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُنَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}:
روي عن ابن عبّاس أن هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ؛ كان له مولىً كافرٌ، وكان عثمان ينفق عليه، ويكفله، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا}: ارجع إلى الآية (٧٤) السّابقة من نفس السّورة.
{عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ}: أيْ: عبد مملوك غير حر التّصرف؛ عاجز عن السّعي، والعمل؛ أيْ: مُقعد.
{لَا يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ}: أيْ: على التّصرف؛ أيْ: غير موكَّل بأن يعمل، أو يشارك، بل مُقعد لا يفهم التجارة.
{شَىْءٍ}: نكرة؛ أيْ: لا يستفاد منه في شيء. وهذا مثل الآلهة المُقعدة لا تفيد، ولا تضر.
{وَمَنْ رَّزَقْنَاهُ}: من: ابتدائية، وتشمل الفرد، أو الجمع، وللعاقل.
{مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا}: أي: السّيد الحر الّذي رزقه الله رزقاً حلالاً طيباً وافراً.
{فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا}: أي: يسعى ويعمل في تجارته، وينفق في سبيل الله في شتَّى المناسبات.
{سِرًّا}: من دون أن يعلم به أحد.
{وَجَهْرًا}: ينفق بالعلن، ومن دون رياء.
{هَلْ يَسْتَوُنَ}: هل: للاستفهام التّقريري، والسؤال موجَّه إلى السّامع، والجواب إما بنعم، أو لا.
والجواب هنا: لا يستوون.
ولما لم يقل: هل يستويان بصيغة المثنى؛ لأنّ المراد هنا سؤال الجنس (سواء أكان واحداً، أو أكثر) النتيجة واحدة لا يستوون.
فكيف تستوي هذه الأصنام مع هذا العبد الحر؟
أو كيف يسوون بين الله سبحانه مالك الملك، الرزاق الّذي يرزق كلّ مخلوق، أو كل عبد حرٍّ يسعى في تجارته ويربح وينفق، والأصنام العاجزة المقعدة غير القادرة على شيء؟
{الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}: الحمد لله لها عدَّة معانٍ، ويجب الوقوف عليها.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ}: أنكم عرفتم الجواب: لا يستوون.
أو الحمد لله: لأنّه لا شريك له.
{بَلْ}: للإضراب الانتقالي.
{أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}: أنّ الله هو واجب الوجود الّذي يستحق العبادة وحده، أو لا يعلمون توحيده، وعظمته وقدره، وهناك أقلية تعلم ذلك.