سورة البقرة ٢: ٩
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}:
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ}: ولم يقل: يخدعون، بل يخادعون؛ أي: بقصد، ونية، وتكرار، وجهد.
والمخادعة: مفاعلة، لابدَّ من طرفين، يخدع أحدهما الآخر.
والخداع؛ هو أن يظهر الطرف الأول للثاني خلاف ما هي الحقيقة، أو يستر عنه وجه الصواب، كي يجلب لنفسه منفعة، أو يدفع عنها مضرة، والخداع نوع من الحيلة والمكر، ويعتمد على الذكاء فقد يفشل أحياناً، وسمِّيت خديعة؛ لأنها تدبير في الخفاء، واشتقت من خدع الضب؛ أي: توارى في جحره.
{يُخَادِعُونَ}: جاءت بصيغة المضارع؛ لتدل على تجدد، وتكرار خداعهم، ولم يتوقف، ومستمر.
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}: كيف يخادعون الله تعالى، وهو خالقهم؟! نقول: هم في الحقيقة، يخادعون الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والّذين آمنوا، فنسب خداع المنافقين للرسول -صلى الله عليه وسلم-، كأنه خداع لله سبحانه للتنبيه؛ أولاً، على علو منزلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن يخادع النّبي -صلى الله عليه وسلم-، كأنه يخادع الله سبحانه، إضافة إلى كونهم يخادعون الّذين آمنوا.
{وَمَا يَخْدَعُونَ}: وما؛ الواو حالية، تفيد التّوكيد، ما: النّافية للحال.
{إِلَّا أَنفُسَهُمْ}: إلَّا أداة حصر؛ أي: ذواتهم.
{وَمَا} وما: ما النّافية للحال.
{وَمَا يَشْعُرُونَ}: يشعرون: من الشعور وهو العلم الكامل الخفي أنّ عاقبة، أو وبال خداعهم عائد عليهم، وأنهم لن يحققوا لأنفسهم إلَّا الخسران المبين.