سورة النحل ١٦: ٩٧
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا}: من: شرطية.
{عَمِلَ صَالِحًا}: من الفرائض، والنّوافل، والصدقات، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر… وغيرها.
{مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}: من: ابتدائية استغراقية؛ تستغرق؛ أيْ: تشمل كلّ ذكر، وأنثى، والمفرد والمثنى والجمع.
{وَهُوَ مُؤْمِنٌ}: وهو: الواو: تفيد التّوكيد؛ هو: ضمير فصل يفيد التّوكيد أيضاً؛ أيْ: قرن العمل الصّالح بالإيمان، فالأعمال الصّالحة لا تقبل، أو تنفع إلا إذا اقترنت بالإيمان بالله تعالى.
{فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}: فلنحيينَّه: الفاء: للتوكيد، واللام: لزيادة التّوكيد.
{حَيَاةً طَيِّبَةً}: تعريف الحياة الطّيبة اختلف فيه العلماء، وجاءت بصيغة النّكرة؛ لتشمل كلّ عنصر من عناصر، أو مقومات الحياة الطّيبة، والتي تشمل النّاحية المادية، والمعنوية، ومن دون خوف، وقلق، بل الرضا بقضاء الله وقدره والاستقرار والأمن والتوكل على الله، والقناعة… وغيرها. ومنهم من قال: الحياة الطيبة: هي حياة الجنة، ومنهم من قال: الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة؛ أي: الجنة أيضاً، والفرق بين الحياة والمعيشة: أن الحياة أعم من المعيشة؛ أي: تشمل المعيشة التي تعني الأكل والشرب والنوم واللباس وغيرها، وعكس الحياة الطيبة المعيشة الضنكا، كما ورد في سورة طه آية (١٢٤) {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}.
{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ}: اللام، والنون: للتوكيد.
{أَجْرَهُم}: الأجر مقابل العمل.
{بِأَحْسَنِ}: الباء: للإلصاق، أو باء البدلية؛ أحسن: أفضل على وزن أفعل.
{مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: ما: اسم موصول؛ بمعنى: الّذي، أو مصدرية، وما: عامة شاملة غير محدَّدة.
{كَانُوا} في الدّنيا.
{يَعْمَلُونَ}: العمل يشمل القول، والفعل؛ أيْ: ما كانوا يقولون، أو يفعلون.
لنقارن هذه الآية (٩٧) من سورة النّحل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
مع الآية (٧) من سورة العنكبوت: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّـئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
في سورة النّحل: من عمل صالحاً: نكرة، ذكر أو أنثى؛ لذلك جعل الجزاء عاماً؛ فجاء بـ (ما)؛ فقال: بأحسن ما (للعام) كانوا يعملون.
في سورة العنكبوت: والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات: الّذين آمنوا، وعملوا الصّالحات: معرفة؛ فجاء بأحسن الّذي: اسم موصول يفيد المعرفة، أو جاء الجزاء خاص بهم؛ أي: استعمل ما: للعام، واستعمل الّذي: للخاص والمعرفة.