سورة الإسراء ١٧: ٢٩
{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}:
{وَلَا}: الواو: استئنافية؛ لا: النّاهية.
{تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}: أي: لا تجعل يدك الّتي تعطي بها الصدقات مغلولة؛ أي: مقيدة، أو مربوطة إلى عنقك (مشهد من مشاهد يوم القيامة) كقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} يس: ٨، وحين تقيد اليد إلى العنق فهي لا تمتد بالعطاء، كناية عن الإمساك، والبخل.
{مَغْلُولَةً}: مقيدة بالغل، والغل: هو القيد الّذي يوضع في اليدين، والعنق.
{وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} كناية عن الإسراف والتبذير؛ أي: تنفق كل ما لديك.
والواجب الاعتدال؛ أي: التوسط في الإنفاق، كما جاء في آيات أخرى؛ كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} الفرقان: ٦٧.
{فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}: فتقعد: ارجع إلى الآية (٢٢).
{مَلُومًا}: من اللوم؛ سواء أكان من نفسك، أم من النّاس، وهو تنبيه الفاعل على شيء فعله غير جيد أو مناسب، يُعاتب عليه، أو يلام عليه، ويؤنب من أجله، وهو الإسراف.
ملوماً: تمثل البخيل.
محسوراً: تمثل المسرف الذي أسرف ماله فأصبح كالبعير الحسير الذي أتعبه السير فلم تعد له قوة.
{مَّحْسُورًا}: من الحسر؛ كالبعير الّذي ذهبت قواه؛ لكونه أنفق كل ما عنده، وافتقر، ولم يدخر شيئاً؛ فأصبح غير قادر على القيام بسبب الإسراف؛ فهو في كلا الحالين ملوم إن قبضت يدك، وملوم إن بسطت يدك كل البسط.