سورة الإسراء ١٧: ٦٤
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}:
{وَاسْتَفْزِزْ}: من: فز؛ أي: قم، وحرك، أو انهض، وحرض، وحث.
{مَنِ اسْتَطَعْتَ}: من: ابتدائية استغراقية، كل من استطعت.
{بِصَوْتِكَ}: بوسوستك.
{وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}: أجلب: صِح عليهم، أو صِح بهم راكباً كنت أو ماشياً؛ يصور الله سبحانه حالة الشيطان في تسلطه على الغاوين بالفارس الّذي يصيح بجنده، ويشجعهم للهجوم على الأعداء، ودحرهم.
{وَشَارِكْهُمْ فِى الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}: كيف يشاركهم؟ بأن يزين لهم المال الحرام، والربا؛ فيأخذوه، والسرقة، وأكل مال اليتيم؛ فتقلّ بركة المال، أو يصرف في التبذير، والمعاصي، والرذيلة، وزين لهم الزنى، وعقوق الوالدين، ووأد البنات.
{وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}: عدهم بالأماني الكاذبة، وطول العمر، وزين لهم الباطل في صورة الحق.
{وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}: ما: النّافية.
{الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}: إلا: أداة حصر؛ يعني: ما يعدهم إلا باطلاً.
والغرور: الخداع، غرَّ فلان فلاناً؛ أي: خدعه، وأصل الغرور تزيين الباطل بما يوهم بأنه حق، مثال شفاعة الآلهة لهم شفاعة باطلة فالآلهة لا تنفع، ولا تضر، والتسويف بتأجيل التّوبة، والاتكال على الرّحمة، ولا جنة، ولا نار، وفي الآية انتقال من صيغة المخاطب إلى صيغة الغائب للتوكيد؛ أي: تحول من مخاطبة الشيطان إلى مخاطبة النّاس بصيغة الغائب {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} بدلاً من قوله: وعدهم، وما يعدكم الشّيطان إلا غروراً؛ لأن ما يعدهم بصيغة المضارع؛ لتدل على التجدد والتكرار وهو الغرور، والتزيين، والوهم، والباطل، والشّيطان يسمى الغَرور: بفتح الغين.