سورة البقرة ٢: ٢٠٠
{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}:
{فَإِذَا}: الفاء: للتعقيب، إذا: ظرفية زمانية للمستقبل، شرطية تفيد حتمية الحدوث، أو كثرته.
{قَضَيْتُم}: أديتم وانتهيتم «فرغتم».
{مَّنَاسِكَكُمْ}: أعال الحج هي: الرّمي، والذّبح، والطّواف، والسّعي، والحلق.
{فَاذْكُرُوا} الفاء: للترتيب، والتّعقيب، والمباشرة.
{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}: في منى عند الجمرات.
{فَاذْكُرُوا اللَّهَ}: الذّكر يشمل الذّكر العادي من تسبيح، وتكبير، وتهليل، وتحميد، والذّكر يعني: الدّعاء، والصّلاة، وقراءة القرآن، أو الاستماع إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{كَذِكْرِكُمْ}: الكاف: للتشبيه، كما تذكروا آباءكم، بل أشد ذكراً.
{أَوْ}: تعني: بل.
{أَشَدَّ ذِكْرًا}: اذكروا الله -سبحانه وتعالى- أكثر من ذكركم آباءكم.
فأراد الله سبحانه أن يبطل عادة الجاهلية بالتّفاخر بالآباء والأجداد في منى بعد الانتهاء من أعمال الحج، وبدأ أيام التّشريق الثّلاثة، بعمل أفضل هو ذكر الله سبحانه بدلاً من ذكر الآباء والأجداد.
{فَمِنَ النَّاسِ}: الفاء: للتفضيل، من: ابتدائية، النّاس؛ ارجع إلى الآية (٢١) من سورة البقرة.
{مَنْ يَقُولُ}: من: للتبعيض، يقول: أي: يدعو ربه.
{رَبَّنَا آتِنَا}: الإيتاء هو العطاء، ولكن لا تملك في الإيتاء؛ أي: يمكن استرداد ما أعطى، أما العطاء ففيه تملك، ولا يسترد، والإيتاء أعم من العطاء، ويشمل النّواحي المعنوية، والحسية «المادية» أما العطاء فيشمل النّواحي المادية فقط.
{آتِنَا فِى الدُّنْيَا}: المال، والجاه، والوالد، والزوجة، والنّصر، والغيث، وغيرها، ولا يسأل الله تعالى أي شيء من أمور الآخرة فقط يسأله، ويدعو الله في أمور الدّنيا الفانية.
{وَمَا لَهُ}: الواو: عاطفة، ما: النّافية النفي فيها أقوى من النّفي بليس.
{لَهُ}: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق، أو الملكية، والهاء ضمير يعود على الدّاعي.
{فِى الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}: {مِنْ}: استغراقية، {خَلَاقٍ}: حظ، أو نصيب قُدّر له؛ أي: لا شيء. ارجع إلى نفس السورة آية (١٠٢) لمزيد من البيان.