سورة الإسراء ١٧: ٨٩
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}:
{وَلَقَدْ}: الواو: استئنافية؛ لقد: اللام: للتوكيد؛ قد: للتحقيق، والتوكيد.
{صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْآنِ}: التصريف يعني: تصريف الآيات والتصريف يعني: عرض مسألة ما بأساليب شتى؛ حتّى يوضح ويتبين المعنى الحقيقي، والهدف، مثال: تصريف الرياح بأساليب مختلفة: ريح عقيم، ريح عاصف، ريح مصفرة…
مثال آخر على البرهان على وحدانية الله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الأنبياء: ٢٢.
{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} المؤمنون: ٩١.
{قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَى ذِى الْعَرْشِ سَبِيلًا} الإسراء: ٤٢.
{مِنْ كُلِّ مَثَلٍ}: من: استغراقية؛ من الأمثال المختلفة، ومن: تستعمل للمفرد، والمثنى، والجمع، والذكر، والأنثى، وقدم الناس على القرآن رغم أن القرآن أهم بالأصالة من الناس؛ لأن السياق التحدي وإقامة الحجة عليهم.
{فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}: فأبى: الإباء: شدة الامتناع، وقد يخالطه كراهية، وأبى: رفض أكثر النّاس الإيمان، ورضوا بالكفر.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{كُفُورًا}: من فعل: كفر كفوراً على وزن فعول: صيغة مبالغة في الكفر؛ أي: إنكاراً للقرآن، وتكذيباً بما جاء فيه من الحق ومن التّوحيد، والإيمان.
ولا بد من مقارنة هذه الآية من سورة الإسراء: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}، مع الآية (٥٤) من سورة الكهف: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلًا}.
قدم النّاس في آية الإسراء؛ لأنّ السّياق تتحدث عن الإنسان، ونعم الله عليه، كما في قوله: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} الإسراء: ٨٣.
وقدم القرآن في آية الكهف؛ لأنّ السّياق عن القرآن، كما في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجَا} الكهف: ١.