سورة الكهف ١٨: ٣٦
{وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا}:
{وَمَا أَظُنُّ}: كما في الآية السّابقة، وتكرارها: للتوكيد.
{السَّاعَةَ قَائِمَةً}: يستنكر البعث، وقيام السّاعة القادم لحظة تهدم النظام الكوني الحالي، ويوم القيامة.
{وَلَئِنْ}: اللام: للتوكيد؛ إن: شرطية: تفيد الشّك، أو الاحتمال.
{رُدِدْتُ إِلَى رَبِّى}: ولم يقل: ولئن رجعت إلى ربي من الرّد، وهو العودة، أو الرّجوع بإكراه، وقسر، أو جبر، وكراهية؛ لأنّه يريد الخلود في الدّنيا؛ لكثرة النّعم الّتي أنعمها الله عليه، أي: ولئن رددت إلى ربي مكرهاً لا خيار لي، ولم يقل: ولئن رجعت؛ لأنّ الرّجوع ليس فيه معنى الكراهية؛ أي: يرجع راغباً، وليس مكرهاً، كما هو الحال في الرّد.
{لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا}: لأجدن: اللام: للتوكيد، والنّون: لزيادة التّوكيد؛ ليعطيني ربي أفضل من جنتي هاتين، وهذا يدل على الغرور، وكأنه يعلم الغيب.
{مُنقَلَبًا}: من الانقلاب: هو الرّجوع إلى حالة غير الحالة الّتي كان فيها؛ فالمنقلب خاتمة الأمر وعاقبته؛ أي: خيراً من جنتك عاقبةً ومصيراً؛ ثلاث كذبات قالها هذا الظّالم، والمغرور بنفسه لأخيه، وهو يحاوره الأولى: ما أظن أن تبيد هذه أبداً، والثّانية: ما أظن السّاعة قائمة، والثّالثة: ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً.
ولنقارن هذه الآية (٣٦) من سورة الكهف: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا}: مع الآية (٥٠) من سورة فصلت: {وَلَئِنْ رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}: هنا رُجعت: تعني الرّجوع بإكراه مثل رُددت بضم الرّاء، ولم يقل: رَجعت بفتح الرّاء الّتي تدل على الرّجوع برغبة وبدون إكراه.
فالفرق بين الرّجوع والرّد:
فالرّجوع: يكون بالانطلاق من مكان ما، ونية الرّجوع إلى نفس المكان، والرّجوع يكون بإكراه، أو بدون إكراه راغباً في الرّجوع.
وأمّا الرّد: يكون العودة بإكراه، وعدم الرّضا، وليس عنده نية العودة، أو الرّجوع، وكلا الآيتين في سياق الكفر بقيام الساعة واليوم الآخر والكفر بأنعم الله.