سورة الكهف ١٨: ٦٠
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا}:
المناسبة: جاءت قصة موسى مع الخضر في سورة الكهف- مع العلم أنّ كفار مكة لم يسألوه عن موسى، أو الخضر- لتبين لكفار مكة، وأهل الكتاب صدق نبوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاءت هذه القصة استجابة للآية: {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّى لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا}؛ أي: عسى أن يخبرني ربي خبراً، أو بينةً، أو قصةً أقرب، أو أوضح بياناً، وبرهاناً من قصة أصحاب الكهف، وذي القرنين ترشد، أو تهدي أهل مكة الّذين لم يصدقوا بنبوة محمّد -صلى الله عليه وسلم-.
فهم يسألون عن أصحاب الكهف؛ فجاءت قصة موسى والخضر دليلاً آخر وأهم من قصة أصحاب الكهف على صدق نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ}:
أسباب النزول: عن أُبي بن كعب، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عز وجل عليه؛ إذ لم يردَّ العلم إليه فأوحى الله إليه أن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب فكيف لي به فأخبره» رواه البخاري ومسلم.
وإذ: أي: واذكر إذ قال موسى، أو حين قال موسى -عليه السلام- بن عمران لفتاه قيل: هو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف كان يتبع موسى، ويتعلم منه، واختار كلمة فتاه بدلاً من صاحبه؛ لأنّ فتاه تحمل معنى اللطف، والحنان، والاحترام. ارجع إلى الآية (١٠) من نفس السورة لمعرفة معنى الفتية.
{لَا أَبْرَحُ}: لا: النّافية.
{أَبْرَحُ}: أمضي سائراً إشارة إلى تصميم موسى -عليه السلام- على أنّه سوف لا يألو جهداً، أو طاقة، أو سعياً سائراً حتّى يلتقي بالعبد الصّالح الّذي أخبره الله سبحانه عنه بأنّه أعلم من موسى، ثمّ أوحى إلى موسى كيف يجتمع بهذا العبد الصّالح، وما حدث في اللقاء وكيف كانت الخاتمة هذا ما ستبينه الآيات (٦٠-٨٢).
{حَتَّى}: حرف غاية نهاية الغاية.
{أَبْلُغَ}: حتّى ألحق بهذا العبد الصّالح، وألتقي به عند مجمع البحرين.
{مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ}: مُلتقى البحرين، ولم يُبين هذين البحرين.
{أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا}: أي: أسير زمناً لا نهاية له.
{حُقُبًا}: أي: أحقاباً، أو أزمان طويلة، وقيل: الحقب (٨٠ سنة)، أو دهراً طويلاً يخبر موسى فتاه لكي يستعد لهذه الرّحلة الطّويلة.