سورة مريم ١٩: ٢٠
{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}:
{قَالَتْ}: قالت مريم عليها السّلام لجبريل -عليه السلام- .
{أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ}: أنى: تعني: كيف، ومن أين، وفيها استفهام عن كيفية الحمل، وتعجب.
وفي الآية (٤٧) من سورة آل عمران: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ} عندما بشرتها الملائكة لأول مرة قبل الحمل بعيسى -عليه السلام- ، وذلك عندما قالت لها الملائكة: {يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} آل عمران: ٤٥؛ فهي آنذاك لم تدرِ ما نوع البشارة، ولذلك قالت: ولد (أي: ذكر، أو أنثى).
{وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ}: لم: للنفي.
{يَمْسَسْنِى بَشَرٌ}: كناية عن النّكاح؛ أي: لم أتزوج؛ أي: تنفي عنها المس: النّكاح الحلال. والمس: هو اللمس الخفيف.
{وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}: تكرار لم: يفيد توكيد النّفي؛ تنفي المس بأي وسيلة محرمة مثل: الزّنى، أو الغصب، وهذا يمثل نفي الخاص بعد العام، لم يمسسني بشر: للتوكيد على عدم الزّنى.
{بَغِيًّا}: فاجرة تبغي الرّجال؛ أي: زانية، أو يبغيها الرّجال للفجور، ولم يقل باغية، وقالت: بغياً: صيغة مبالغة تعني: ما قامت بالزّنى والفجور أبداً.
وأما باغية: تقوم بأشياء محرمة، ولم تبلغ درجة الزّنى؛ فهي قد نفت عن نفسها كلّ صور التقاء الذّكر بالأنثى.
وقولها: لم أكُ، ولم تقل أكن، أكُ: حذف النّون؛ لتدل على أنّها لم تكن في لحظة من لحظات تفكير بالبغاء، ولو بأيّ صوره، أو أشكاله.
أك: أشد وأبعد نفياً من أكن، وأكن أشد نفياً من أكونن، وحذف النّون قد يكون للإسراع، وإنهاء الكلام مع جبريل؛ فهي لا تعرفه، والموقف موقف حياء، وخلوة، وخوف، والأفضل قصر الكلام.