سورة مريم ١٩: ٢٨
{يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}:
لما رأى قومها الولد أنكروا ذلك وقالوا:
{يَاأُخْتَ هَارُونَ}: مخاطبتها بأخت هارون فيه توبيخ لها وتعريض؛ الأخت: إما أنّ تكون أختاً حقيقية، أو أختاً في المشابهة؛ كقوله تعالى: {وَمَا نُرِيهِمْ مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} الزّخرف: ٤٨.
أخت حقيقية. قيل: كان لمريم أخ حقيقي اسمه هارون من أمّها، وأبيها، وكان من أفضل، وأشراف بني إسرائيل؛ فيكون المعنى كيف يكون لأخت رجل مثله أن تفعل فعلتك هذه.
أو: أخت في المشابهة بالإيمان؛ أي: يا مشابهة هارون في الصّلاح، والتّقوى، والورع.
الاحتمال الثّاني: هارون أخو موسى -عليه السلام- ، وأخوَّة الدّين أقوى من أخوَّة الدّم.
الاحتمال الثالث: قيل: كان في زمنها رجل صالح يسمى هارون من بني إسرائيل؛ فنسبت إليه في التّقوى، والورع.
يا أخت هارون في التّقوى، والورع، كيف تأتين بمثل هذا الفعل؟! والغاية من عدم قولهم يا مريم {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ}؛ أي: عدلوا عن التصريح إلى التعريض بقولهم يا أخت هارون؛ لأن في إضافتها إلى اسمه توبيخ لها أي: ما كان لأخت رجل صالح مثل هارون أن تفعل هذه الفاحشة.
{مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ}: أي: ما كان أبوك فاجراً وزانياً، ورجل السّوء: هو الّذي إن صاحبته أصابك منه سوء؛ أي: أذى، أو مكروه.
{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}: زانية، أو باغية. ارجع إلى الآية (٢٠) من السّورة نفسها؛ للبيان.
ما كان أبوك، وما كانت أمّك: تكرار النّفي (ما) يفيد التّوكيد.