سورة طه ٢٠: ٨٧
{قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِىُّ}:
{قَالُوا}: أي: بني إسرائيل لموسى.
{مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ}: ما: النّافية.
{أَخْلَفْنَا}: وعدنا لك بإرادتنا وذاتنا، ولكن بأمور خارجة عن إرادتنا، وهي أننا حُمّلنا أوزاراً من زينة القوم.
ويجب أن نفرق بين ثلاث حالات هي:
١ - {بِمَلْكِنَا}: بفتح الميم مشتقة من: مَلْك؛ تعني: ملك الإنسان نفسه؛ أي: ذاته، وإرادته فقط، كما ورد في هذه الآية.
٢ - بمِلْكنا: بكسر الميم: مشتقة من مِلْك؛ تعني: يملك ذاته وإرادته (حر طليق) ويملك شيئاً، أو أشياء أخرى مثل: منزله، أو أرضه، أو أيّ شيء.
٣ - بمُلْكنا: بضمّ الميم: مشتقة من مُلْك؛ أي: يملك ذاته وإرادته + شيئاً أو أشياء أخرى + يملك من: مِلْك، وهذه تخص الله وحده.
{وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا}: لكن حرف استدراك وتوكيد.
{حُمِّلْنَا}: مبني للمجهول.
{أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}: الوزر: الشّيء الثّقيل، أو الحمل الثّقيل، وسمّي الذّنب والإثم وزراً؛ لأنّه ثقيل على النّفس حيث يمتد أثره؛ أي: ألمه إلى الدّار الآخرة، ويقول الحق عن ذلك الحمل: {وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} طه: ١٠١.
الزّينة: تطلق على الذّهب عادة، وسموا الزّينة (وهي الحُلي من الذّهب والفضة) أوزاراً؛ لأنّهم استعاروها من القبط قبل خروجهم من مصر، ولم يُعيدوها إلى أصحابها بعد خروجهم؛ فكأنّهم شعروا بأنّها سرقة وشبهوها بالأوزار؛ أي الذّنوب والآثام، ويجب التخلص منها.
{مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}: القوم هم القبط؛ أي: قوم فرعون، وقيل: قسم منها كان من حُلي جنود فرعون بعد غرقهم في البحر.
{فَقَذَفْنَاهَا}: أي: لما سألهم السّامري أن يعطوها له، قذفوا بتلك الزّينة إليه، والقذف يعني: طرحوها، أو ألقوها إليه بسرعة، وبدون تردد؛ للتخلص منها، ومن آثامها حيث شعروا بالذّنب العظيم.
{فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِىُّ}: هم قذفوا بالزّينة إلى السّامري، وكذلك ألقى السّامري، ولم يقل وكذلك قذف السّامري؛ السّامري ألقى بتلك الزّينة، وقيل: ألقى مع الزّينة قبضة من أثر الرّسول (جبريل -عليه السلام- )، ولم يتسرع بإلقائها، ولم يشعر بالإثم الّذي شعر به قومه، وصاغ لهم السامري عجلاً جسداً له خوار.
وهناك فرق بين القذف، والإلقاء، والنبذ، والرمي:
القذف: الرمي، ويكون بشدة وبسرعة، وفيه معنى البعد، وبدون معرفة المسافة الّتي يصل إليها القذف، أو المكان.
الإلقاء: الرمي، ويكون بخفة وتمهل.
النبذ: إلقاء للشيء استهانةً به، وإظهاراً للاستغناء عنه.
الرمي: تعرف المسافة والمكان الّذي ترمي إليه.