سورة طه ٢٠: ١٠٥
{وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّى نَسْفًا}:
{وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ}: ماذا سيحل بها، أو كيف تصبح يوم القيامة؟ قال بعض المفسرين: أنّ الرّسول -صلى الله عليه وسلم- لم يُسئل هذا السّؤال ولم يقع، ويعني: إن سألوك في المستقبل عن الجبال فقل كذا وكذا، ودليلهم قوله: فقل؛ لأنّ كلّ الأسئلة الّتي سألوها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء الرّد عليها بكلمة: قل، إلا هذه الآية الوحيدة الّتي جاءت بكلمة "فقل" بدلاً من "قل". فقيل: إن الفاء هنا تدل على شرط مُقدر؛ بمعنى: إن سألوك فقل كذا وكذا.
{فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّى نَسْفًا}: أولاً: مرحلة الاقتلاع، ثم السير ثانياً كما قال تعالى: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} التكوير: ٣، ثم مرحلة الدك كما قال تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} الحاقة: ١٤، ثم مرحلة التفتت والتحول إلى رمال: {كَثِيبًا مَهِيلًا} المزمل: ١٤، ثم مرحلة النسف، ثمّ ينسفها ربي. النّسف: التّذرية، وتذروها الرّياح، ثمّ تتحول إلى العهن المنفوش: الصّوف المنفوش؛ أي: الملون. نسفاً: للتوكيد.
لنقارن هذه الآيات الثلاث التالية، ونرى كيف وردت كلمة قل، فقل، وبدون أيهما.
{يَسْـئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ} البقرة: ٢١٥.
{وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّى نَسْفًا} طه: ١٠٥.
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} البقرة: ١٨٦.
إذا وقع السّؤال وسئلت قل.
وإذا لم يقع السّؤال وسئلت في المستقبل هذا السّؤال فقل.
إذا وقع السّؤال وحذف قل أو فقل، فذلك يدل على أن الله سبحانه قريب ويريد الله سبحانه الإجابة على السّؤال بدون تدخل الرّسول -صلى الله عليه وسلم-.