سورة طه ٢٠: ١٢٣
{قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}:
قال سبحانه: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا}: الخطاب موجّه إلى آدم (وزوجه تابعة له)، وإبليس سبق بالهبوط قبل هبوط آدم وزوجه، ولم يذكرها من الأدب الرّباني في هذه الآية، وذكرها في الآية (٣٨) في سورة البقرة حين قال تعالى: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا}.
{جَمِيعًا}: توكيد. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٣٨)؛ للبيان.
{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}: أي: آدم وحواء وذريتهما عدو لإبليس وذريته، وإبليس وذريته عدو لآدم وحواء وذريتهما.
{فَإِمَّا}: الفاء: شرطية، إما: للتفصيل.
{يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى}: النّون في "يأتينكم": للتوكيد، منّي هدى: مثل الكتاب، أو الوحي، أو إرسال رسول، أو نبي.
{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ}: فمن: الفاء: للتوكيد، من: شرطية، اتبع هداي: ولم يقل: تبعَ هداي كما في الآية (٣٨) في سورة البقرة؛ اتبعَ: على وزن افتعل، وفيها معنى المشقة والجهد والتجدد والاجتهاد، أما تبع: فهو اتباع عادي بدون جهد، واتبع تعني: الأوامر والنواهي، وافعل ولا تفعل، وهل هناك هدى غير هدى الله؟ قالوا: نعم، وهو هوى النّفس، والشّهوات، والشّيطان.
{فَلَا يَضِلُّ}: في هذه الدّنيا عن الحق، أو عن الدين، أو قد يعني: عن النسيان، والضياع. لا: تفيد النّفي، وتكرارها يفيد توكيد النّفي، وأداة النفي لا تنفي كلّ الأزمنة.
{وَلَا يَشْقَى}: لا يتعب، ولا يصاب بالهم والغم، والضّيق في العيش، ولا في الصدر. ارجع إلى الآية (٣٨)، من سورة البقرة: {فَمَنْ تَبِعَ هُدَاىَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} للمقارنة مع هذه الآية، ومقارنة اتبع وتبع والسياق في الآيتين.