سورة الأنبياء ٢١: ٤٧
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْـئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}:
ثم يبيِّن الله سبحانه كيف سيحاسبهم في الآخرة، وأنّه لن يظلمهم شيئاً.
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}: ننصب الموازين، القسط: أيْ: موازين العدل أو العادلة، الموازين جمع ميزان، وليست ميزاناً واحداً، قيل: موازين لوزن الأعمال، أو لوزن الحسنات والسيئات. ارجع إلى سورة القارعة آية (٦) للبيان.
{لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}: اللام لام التّوقيت أو الاختصاص لأجل ذلك اليوم، وسُمِّي يومَ القيامة؛ لأنّ فيه النّاس يقومون لرب العالمين (للحساب)، يقومون من قبورهم.
{فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْـئًا}: الفاء للتوكيد، لا النّافية، تظلم نفس شيئاً. الظلم: هو نقصان الحق والجور، والعدول عن الحق؛ أيْ: لا ينقص من حقها حسنة ولا تزاد عليها سيئة واحدة، نفس: نكرة تعني: أيَّ نفس، شيئاً: نكرة، والشّيء هو أقل القليل، أيُّ قولٍ أو فعلٍ أو صغيرةٍ أو كبيرةٍ أو حسنةٍ أو سيئةٍ، أيْ: لا تُظلم شيئاً من الظلم ولا تظلم شيئاً من الأشياء.
{وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ}: إن شرطية، كان: العمل الّذي يراد وزنه مثقال حبة من خردل، الخردل: نبات له حب صغير متناهي في الصغر واحدته خردلة، وحبة الخردل هي تعادل جزء من (٨٠ جزء) من حبة الشعير وتعادل (٧/ ١٠, ٠٠٠ من الغرام) وهي مثال لأصغر شيء يُرى بالعين مثال للوزن والحجم، أيْ: لا يظلم الله مثقال حبة من خردل من الظّلم؛ أي: إن كان له حسنة تعادل حبة الخردل، أو سيئة أتينا بها.
{أَتَيْنَا بِهَا}: أيْ: جيء بها، ووضعناها في ميزانه وحاسبناه عليها وجازيناه بها.
{وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}: كفى تعني يكفيك أو حسبك، تحمل معنى التّعجُّب، حاسبين جاءت بصيغة العظمة: وتعني وكفى بالله حسيباً والحسيب من الحسب وهو الاكتفاء أو المحاسب، أي: الّذي يحفظ أعمال عباده من خير وشر ويحاسبهم عليها، ولا يحتاج إلى أحدٍ غيره لهذا الحساب فهو يكفي سبحانه.