سورة الأنبياء ٢١: ٩٣
{وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ}:
الخطاب في هذه الآية موجَّه إلى الأمم، وليس إلى الرّسل؛ لأنّ الرّسل حاشا أن يتفرَّقوا، وما دام ربكم واحد ودينكم أو شريعتكم واحدة فلم تتفرَّقوا في الدّين وتكونوا شيعاً وأحزاباً أيها النّاس.
{وَتَقَطَّعُوا}: تفرَّقوا واختلفوا أو أصبحوا أمماً مختلفة أو أحزاب وشيع في الأمة الواحدة بسبب الأهواء والجهل والمصالح الفردية كلّ حزب بما لديهم فرحون.
{أَمْرَهُم}: أيْ: دينهم أو ملتهم.
{كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ}: كل الأمم والأحزاب أو الفرق، إلينا: تقديم إلينا يدل على الحصر؛ أيْ: إلينا وحدنا، راجعون: للحساب والجزاء.
انتبه إلى الانتقال من صيغة المخاطب في الآية (٩٢) إلى صيغة الغائب في الآية (٩٣)، أصل الكلام: إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون، وتقطعتم أمركم بينكم، عدل عن هذا إلى قوله: وتقطعوا أمرهم بينهم، للتنبيه أو للفت انتباه السّامع إلى الفعل الشّنيع الّذي فعلوه وهو التّفرق في الدِّين.
ولمقارنة هذه الآية (٩٣) {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} والآية (٥٣) من سورة المؤمنون: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}:
في سورة المؤمنون قال: فتقطعوا بينهم زبراً: الفاء تدل على المباشرة والتّعقيب، أيْ: مباشرة تفرَّقوا وتقطعوا أمرهم بينهم، ومن دون فاصل زمني وأضاف كلمة (زبراً) تفيد التّوكيد توكيد التّفرق؛ مما يدل على أنّ المخاطبين في سورة المؤمنون مبالغين في التّفرق، أيْ: أشد تفرقاً وكفراً من المخاطبين في سورة الأنبياء.