سورة البقرة ٢: ١٥
{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}:
{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}: هذا؛ من علم الغيب.
وقد يكون المراد به؛ يجازيهم على استهزائهم، فقوبل اللفظ بمثله لفظاً، وإن خالفه في المعنى.
{وَيَمُدُّهُمْ}: من المد، وأكثر ما يستعمل المد في المكروه، والإمداد في المحبوب.
والمد بمعنى الإمهال، يقال: مدَّه في غيه أمهله.
ويقال: مدَّ الجيش، وأمده؛ أي: زوده بالعدد والعُدَّة ما يقويه.
إذن، يمدهم؛ له معان عدَّة:
١ - يمهلهم؛ ليزدادوا إثماً، أو يُملي لهم.
٢ - يزيدهم في طغيانهم بأن يفتح لهم أبواب كل شيء.
{فِى طُغْيَانِهِمْ}: الطغيان؛ مجاوزة الحد في ضلالهم، وكفرهم، وظلمهم، وفسادهم، وكبرهم، وعصيانهم، من طغا الماء؛ أي: ارتفع.
فهو لا يكتفي بكفره، بل يتجاوز الحد، ويطلب ممن آمن أن يرتد عن إيمانه، أو يمنع غيره، من الدخول، في الإسلام، أو يحاربون الدِّين، واستعمال (في) الظرفية؛ تدل على كونهم منغمسين، في ضلالهم، وكفرهم، من قبل، ومع ذلك؛ يزداد الانغماس.
{يَعْمَهُونَ}: يتحيرون، ويترددون، يعمون عن الرَّشد أو الحق، ممّا يؤدي بهم، إلى الخطأ في الرأي يتحيرون، ويترددون، بين إظهار الكفر، وإخفاء الكفر، أو بين ترك الكفر، أو البقاء عليه.
{يَعْمَهُونَ}: من عَمِهَ: إذا تردَّد، وتحير، والعمه؛ يكون في البصيرة، والعمى يكون في البصر، أو العين، فهم الذين، اختاروا العمه، عمى البصيرة، والحيرة، والتردُّد.