سورة الحج ٢٢: ١١
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}:
{وَمِنَ النَّاسِ}: الواو استئنافية، (من) الأولى ابتدائية بعضية.
{مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}: (من) الثّانية اسم موصول بمعنى الذي.
يعبد الله على حرف: الحرف: أي الحافة، اسم لطرف الشّيء؛ أي: يقف على طرف الحافة مضطرباً غير ثابت، وهذا حال المنافق.
{فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ}: إن شرطية تفيد الاحتمال. أصابه خير: مثل غنيمة أو مال أو عافية أو منفعة دنيوية.
{اطْمَأَنَّ بِهِ}: يثبت على دينه، وسكنت نفسه إلى الإسلام ورضي به.
{وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ}: فتنة: شر، أو مكروه في أهله أو ماله، أو هزيمة أو خسارة أو مرض بسبب إسلامه.
{انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}: ارتدّ عن دينه كما يفعل المنافق ورجع إلى الكفر، أو أصبح عاصياً أو توقف عن عبادة ربه، خسر الدّنيا والآخرة فلا حظّ له في الدّنيا ولا في الآخرة خسر كلاهما.
{ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}: ذلك اسم إشارة، واللام للبعد، الخسران المبين: الواضح لكلّ فرد، وكلّ فرد يقرّ ويعترف بأنّه خسران، خسران ظاهر لا يحتاج إلى شرح أو تبيان.
وهناك فرق بين الخُسر وخساراً وخسران:
١ - الخُسر: يستعمل لعموم الخسارة أو مطلق الخسارة.
٢ - خساراً: الزّيادة في الخسارة كقوله تعالى في سورة فاطر آية (٣٩): {وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا}. وكقوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} نوح: ٢١.
٣ - الخسران: هو أكبر الخسارة وأعظمها وأشدها.
انتبه إلى قوله: {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} ولم يقل فإن أصاب خيراً؛ أي: الخير هو الّذي أصابه وجاء يبحث عنه، فالرّزق يبحث عن صاحبه، بقدر ما يبحث صاحب الرّزق عن رزقه.
وقال: فإن أصابه خير، وإن أصابته فتنة، ولم يقل شر (مقابل الخير) الفتنة قد تكون بالخير أو بالشر، فإذا فاز كانت الفتنة خيراً له.