سورة الحج ٢٢: ١٥
{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}:
يخبر الله سبحانه أنّه ناصرٌ رسوله -صلى الله عليه وسلم- في الدّنيا والآخرة، والكلام موجَّه إلى الكفار الحَسَدة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن كان يظن أن الله لن ينصر رسوله -صلى الله عليه وسلم- وينصر دينه.
{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ}: من شرطية تفيد المبادرة مع التأكيد، ومن تعني: من الكفرةوالحسدة. يظن: الظن يعني: يتصور أو يعتقد، أن: للتوكيد، لن: للنفي. والظن: هو الاحتمال الراجح. أن: للتوكيد. لن: تنفي القريب والبعيد.
{يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ}: اللام لام الأمر، لن ينصر الله رسوله بكل أنواع النّصر بالقوة والغلبة والحجة والبرهان.
{بِسَبَبٍ}: السبب في اللغة: هو الحبل؛ بحبل؛ أي: يشدد حبلاً. ارجع إلى سورة الكهف آية (٨٤) للبيان المفصل في معنى السبب.
{إِلَى السَّمَاءِ}: إلى سقف بيته، وتعريف السّماء: هي كلّ ما علاك.
{ثُمَّ لْيَقْطَعْ}: ثمّ للترتيب الذّكري، واللام للتوكيد، ثمّ ليختنق به، وأصله ليقطع تنفسه؛ أي: دخول الهواء إلى رئتيه، كناية عن الاختناق، أي ليموت مختنقاً بحبله.
{فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}: هل: استفهام للتقرير وإنكاري، ليقروا هم بأنفسهم أنّ غيظهم سيظل كما هو حتّى تزهق أنفسهم وهم كافرون. الكيد: هو التّدبير الخفي لإيقاع الضّرر بالغير، سواء علم الخصم أو لم يعلم، والكيد أقوى من المكر. هل يذهبن كيده غيظه. الغيظ: هو الغم أو هيجان فيه نوع من الغضب والحزن وسمى فعله كيداً حيث لم يقدر على القيام بغيره، أو على سبيل الاستهزاء؛ أي: كاد بنفسه. ارجع إلى سورة التوبة آية (١٥) لمزيد من البيان. وسواء فعل ذلك أمام النّاس أو في خلوة، هل يُريحه ذلك؟ فإن يُريحه فلمَ لا يفعله وينتهي الأمر؛ لأنّ الله ناصرٌ رسله لا محالة، يذهبن: النّون للتوكيد.
وهناك من قال: أيربط نفسه بحبل إلى سقف البيت، ثم يقطع الحبل فيسقط على الأرض، فإما أن يموت أو تكسر عظامه وأضلاعه، وبعدها ينظر هل فعله هذا غيّر أي شيء من غيظه؟ لأن الله سينصر رسوله وعباده المؤمنين.
ولنعلم أن هذه الآية تحمل معنى التحدي للكفرة، وأعداء الله أن يمنعوا نصرة الله لرسوله وللمؤمنين.