سورة الحج ٢٢: ٢٦
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِى شَيْـئًا وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}:
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ}: إذ؛ أي: واذكر إذ بوّأنا، أو حين بوّأنا لإبراهيم مكان البيت: اللام في (لإبراهيم) لام الاختصاص، بوّأنا: من: باء؛ أي: رجع؛ أي: يرجع إلى المكان الّذي ينزل فيه؛ أي: يسكن فيه، ويقال: اتخذ مكان مباءةً؛ أي: مرجعاً للعبادة؛ أي: يبوء إليه المؤمنون؛ أي: يحجوا إليه كلّ عام.
مكان البيت؛ أي: البيت الحرام الكعبة، وجبريل هو الّذي حدد لإبراهيم حدود الحرم، فالحد الشمالي يبعد (٦كم) من الكعبة، والحد الجنوبي (١٢كم) من الكعبة، الجنوبي الغربي (١٦كم) والحد الغربي (١٥كم) عند الحديبية، والحد الشرقي (١٤كم)، ومساحة الحرم تبلغ (٦٠٠كم٢) في الوادي الّذي يبلغ طوله (٣٠كم) وعرضه (٢٠كم).
{أَنْ لَا تُشْرِكْ بِى شَيْـئًا}: أن هذه مصدرية تفيد التّعليل والتّوكيد، أو تفسيرية، لا: النّاهية، لا تشرك بي شيئاً: (شيئاً) جاءت بصيغة النّكرة؛ أي: لا تشرك بي كائناً من كان، أو لا تشرك بي شيئاً من الشّرك لا قليلاً ولا كثيراً، والخطاب موجّهٌ إلى إبراهيم وكلّ من اتبع ملة إبراهيم.
{وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ}: طهّر بيتي: من الأصنام أو الأوثان، أو أيّ شرك، وطهّره من النّجاسة للطائفين الّذين يطوفون حول البيت من أهل مكة وغيرهم من القادمين من خارج مكة، سواء كان طواف القدوم أو الإفاضة أو الوداع.
والقائمين: أي: المقيمين أو المعتكفين (جمع معتكف) من أهل مكة وغيرهم.
{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}: جمع: راكع، وجمع: ساجد؛ أي: المصلين، ولم يقل: الركع السجد، وإنما: الركوع السجود؛ أي: السجود الحقيقي، والذي يتضمن الخشوع، بينما السجد تعني: السجود الظاهري فقط.
التّطهير يشمل التّطهير الحسي والمعنوي، وطهّر بيتي: الطّهارة الحسية؛ أي: من الأوساخ والأقذار، والطّهارة المعنوية من الأصنام والشّرك، حيث كانت قبيلة جرهم وغيرهم يضعون الأصنام عنده ويعبدونها من دون الله تعالى.