سورة الحج ٢٢: ٣٧
{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}:
{لَنْ}: لنفي القريب والبعيد.
{يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ}: الله سبحانه غني عن لحوم هذه البُدن وعن نحرها، فلا يصل إليه شيءٌ منها وإنما يناله؛ أي: يصله تقواكم وطاعتكم لما أمركم به وإخلاصكم وتوحيدكم وشكركم إياه. والتّقوى تعني: امتثال وطاعة أوامره وتجنب نواهيه.
{كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}؛ كذلك: تعني: أيضاً؛ أي: وسخرها لكم أيضاً لتكبّروا الله، اللام لام التّعليل، تكبّروا الله تعالى في الأعياد بالقول: الله أكبر الله أكبر، وبعد النّحر، على ما هداكم: كما علّمكم وأرشدكم ودلّكم على ما فيه.
{وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}: بشّر من البشارة، ارجع إلى الآية (١١٩) من سورة البقرة، المحسنين: جمع محسن، وهو الّذي يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فالله يراه، والذي تعدّى إحسانه إلى غيره ولم يقتصر على نفسه. ولمعرفة معنى الإحسان ارجع إلى الآية (١١٢) من سورة البقرة.
لنقارن الآيتين السّابقتين (٣٦-٣٧):
في الآية (٣٦): قال تعالى: {كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
في الآية (٣٧): قال تعالى: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}.
سخرناها لكم؛ لأنّ الفائدة عمّت الكلّ؛ لقوله تعالى: فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ.
سخرها: لأنّ الآية تتحدث عن المنعم الّذي سخّر البُدن لتتّقوه وتكبّروا الله على ما هداكم.