سورة الحج ٢٢: ٦٢
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ}:
{ذَلِكَ}: اسم إشارة يشير إلى القدرة على إيلاج الليل في النّهار والنّهار في الليل، والبدء والخوض في معنى جديد بعد إتمام المعنى السّابق.
{بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}: الباء باء التّوكيد أو السّببية والإلصاق، (هو) تفيد الحصر والتّوكيد، الحق: واجب الوجود وكلّ شيء ينسب إليه حقٌّ، فالمولج الليل في النّهار والنّهار في الليل هو الحق، الإله الحق الثّابت الّذي لا يتغير أو يتبدل، وبما أنّ الله هو الحق والحق هو الّذي يعلو ولا يُعلى عليه، فهو العلي الكبير.
{وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}: أنّ: للتوكيد، ما: لغير العاقل، يدعون من دونه: يعبدون من دون الله سبحانه، هو: ضمير فصل يفيد التّوكيد.
{الْبَاطِلُ}: هو الزّائل، ما لا وجود له حقيقة؛ ويعني: الشّرك، والباطل يطلق على الكذب ويطلق على الإحباط كقوله: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} ويطلق على الظّلم، ارجع إلى سورة الأنبياء الآية (١٨).
{وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ}: وأن للتوكيد، (هو) للتوكيد والحصر، العلي: علوّ الجلال والكمال والإطلاق، العلي سلطانه وقدرته وإحاطته بكلّ شيء، علوّ الذّات والصّفات والأسماء، الكبير: العظيم الشّأن الكبير في عظمته وكبريائه، فهو أكبر وأعلى وأعظم من كلّ شيء، ارجع إلى سورة الرّعد الآية (٩) للبيان.
ولنقارن هذه الآية (٦٢) وهي قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ}، مع الآية (٣٠) من سورة لقمان وهي قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ}.
نجد أنّ الاختلاف فقط بإضافة كلمة (هو) في سورة الحج للتوكيد؛ لأنّ السّياق في سورة الحج في الهجرة والقتل والموت والتّكذيب بالآيات وصراع أهل الباطل، أمّا السّياق في سورة لقمان فهو في اتباع ما أنزل الله تعالى أو اتباع الشّيطان، سياق جدال لإظهار الحق من الباطل، فهو أقل شدة وقوة؛ ولذلك أكد في سورة الحج بإضافة (هو) ولم يؤكد في سورة لقمان.