سورة المؤمنون ٢٣: ٢٨
{فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}:
{فَإِذَا}: الفاء عاطفة، إذا ظرف زماني للمستقبل متضمن معنى الشّرط، وتدل على حتمية الحدوث.
{اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ}: استويت من استوى أيْ: علا واستقر أيْ: حين تعلو وتستقر على ظهر الفلك، وعلى تعني العلو والتّمكن والقدرة على قيادة الفلك، ولم يقل: أنت والّذين معك في الفلك وإنما قال: ومن معك: من ابتدائية، ومن معك تدل على القلة مقارنة بقوله: والّذين معك الّتي تدل على الكثرة.
{وَمَنْ مَعَكَ}: قيل: كان عددهم (٧٠-٨٠)، وقيل: (٢٠-٣٠)، والله أعلم.
{فَقُلِ الْحَمْدُ}: الفاء للتعقيب والمباشرة، قل الحمد لله: أيْ: إياك أن تنسى المنعم وتغترَّ بالفلك، أو بنجاتك. ارجع إلى سورة الفاتحة آية (٢) في معنى الحمد لله.
والسّؤال هنا: لِمَ لَمْ يخاطب الله سبحانه نوح ومن معه بالقول: فإذا استويتم بدلاً من استويت أنت ومن معك فقل، بدلاً من فقولوا الحمد لله؛ لأنّ المخاطب هو رب العالمين، والمقام مقام كبرياء وجلال والمخاطبة لا يترقى إليها إلا نبي أو رسول، ولذلك خاطب نوح وحده، فهو نبيهم، وفيه إشعار لنوح بفضل النّبوة، وعلى نوح أن يبلغهم الدعاء بالحمد.
{الَّذِى نَجَّانَا}: الّذي اسم موصول فيه معنى التوحيد؛ لأنه (يختص بالمفرد المذكر). نجانا: للتّعظيم. نجانا: ولم يقل أنجانا؛ لأنّ نجانا فيها معنى الزّمن الطويل أيْ: نجانا بعد زمن طويل وانتظار دام أكثر من (٩٥٠ سنة).
{مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}: المشركين، الظّلم هنا هو الشّرك، والمكذبين بما أنزل الله تعالى على نوح -عليه السلام- . ارجع إلى سورة البقرة آية (٣٥) لبيان معنى الظالمين.