سورة المؤمنون ٢٣: ٩٩
{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}:
هذه الآية تتمة لقوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}.
{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}:
{حَتَّى}: حرف نهاية الغاية.
{إِذَا}: شرطية ظرفية تدل على حتمية الحدوث، أيْ: تستعمل للشيء المحقق حدوثه وبكثرة وهو مجيء الموت.
{جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}: أيْ: هو في حالة الاحتضار أو مرحلة الوفاة الّتي تسبق قبض الروح، وجاء فيها معنى الصعوبة والمشقة والشدة، ولم يقل: حضر أحدهم الموت.
حضر فيها معنى السهولة، وتستعمل عادة في الأحكام أو آيات الموت أو الإنذار، أو الوصايا والتوبة، والتحذير والموعظة، بينما جاء تعني المريض على فراش الموت وفي حالة الاحتضار، ويعاني من سكرات الموت ويوقن أنّه ميت، عندها يتمنى الكافر والمشرك أن يرجع إلى الدّنيا.
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}: جاءت ارجعون بصيغة الجمع، بينما جاء أحدهم الموت بصيغة الإفراد.
وتفسير ذلك كأنّه استغاث ربه واستغاث الملائكة، فقال: ارجعون ولم يقل: رب ارجعني؛ لأنه كرَّر ذلك الطّلب فقال: ارجعون، أو قال: ارجعون ولو لمدة قصيرة، أو زمن قليل، وأما ارجعوني تعني: مدة طويلة، أو قال: ارجعون لضيق الوقت قبل الموت، أو بصيغة الجمع تعظيماً لله تعالى.
{ارْجِعُونِ}: أي: إلى الحياة الدّنيا والرّجوع يكون عادة إلى المكان الّذي انطلق منه، ولماذا يطلب الرّجعة إلى الدّنيا؟ تفسرها الآية القادمة لعلِّي أعمل صالحاً فيما تركت.