سورة البقرة ٢: ٢٧١
{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّـئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}:
قيل: نزلت هذه الآية بعد الآية السابقة: {وَمَا أَنفَقْتُم مِنْ نَفَقَةٍ}، فقد سأل الصّحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا رسول الله! صدقة السر أفضل، أم صدقة العلانية، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
{إِنْ}: شرطية تفيد الاحتمال والندرة، ولكن سبحانه أعقبها بفعل مضارع (تبدوا الصدقات)، والفعل المضارع يدل على التجدد، والتكرار، والإنفاق.
{تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ}: أي: تظهروها، أو تعلنوها كم هي ونوعها.
والصدقات جمع صدقة، والصدقة: قد تكون فرضاً كالزكاة، أو نفلاً؛ أي: تطوعاً زيادة على الزكاة، ويرجى بها الثواب والأجر.
والتصدق: مطلق العطاء، والنفقة: إخراج المال من الملك فلا يعد يملكه.
وكلمة الصدقات في القرآن تعني: الزكاة، أو صدقات التطوع.
{فَنِعِمَّا هِىَ}: نعما أصلها نعم + ما، نعم: فعل مضارع مخصوص للمدح، ما: اسم معرفة بمعنى الشّيء، فيصبح تقديرها: نعم الشّيء إبداؤها.
{وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}:
{وَإِنْ}: الواو: عاطفة، إن: شرطية تفيد الاحتمال، أو ندرة الحدوث.
{تُخْفُوهَا}: أي: تعطوها سراً للفقراء أفضل من إعطائها جهراً، أو إظهارها للناس؛ لتجنب الرياء، وأذى الفقير، وبطلان ثوابها.
{وَتُؤْتُوهَا}: مباشرة، وسراً للفقراء.
{فَهُوَ}: الفاء: للتوكيد، هو: يفيد التّوكيد أيضاً.
{خَيْرٌ لَّكُمْ}: أفضل لكم خاصة.
{وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّـئَاتِكُمْ}: {وَيُكَفِّرُ}: التكفير: هو الستر؛ أي: ويستر عليكم {سَيِّـئَاتِكُمْ}: قيل: هي صغائر الذنوب، {مِنْ}: ابتدائية، وقد تعني بعض سيئاتكم؟
{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}: خبير تعني: عليم ببواطن الأمور؛ أي: عليم بما تخفونه، أو تظهرونه من الصدقات، والنوايا، وبما تقولونه، أو تفعلونه من الرياء، والمن، والأذى.
وأجمع المفسرون: أنّ هذه الآية (٢٧١) نزلت في سياق صدقة التطوع، وأنّ إخفاءَها أفضل من إظهارها؛ لتجنب الرياء، ويؤيد ذلك ما جاء في الصحيحين في السبعة الّذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلَّا ظله، ومنهم: رجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.