سورة الفرقان ٢٥: ٣٢
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا}: أداة حضٍّ وحثٍّ.
{نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً}: قالوا: نزل ولم يقولوا أنزل لمعرفتهم أنه نزل منجماً؛ أي: هم يريدوا أن ينزل؛ أيْ: دفعة واحدة كما أنزلت التّوراة والإنجيل والزبور بدلاً من أن ينزل منجماً مفرقاً أو بالتدرج، وكأنه في نظرهم عيب أن ينزل القرآن منجماً، أو هم يحاولون أن يجدوا لهم عذراً لكي لا يؤمنوا، أو ليكون لهم حُجَّة واهية على عدم إيمانهم. ارجع إلى سورة البقرة آية (٤) لمعرفة الفرق بين أنزل ونزل.
وهم نسوا أن القرآن أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا في ليلة القدر.
وفي آية أخرى قالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} الزخرف: ٣١.
{كَذَلِكَ}: تعني: أنزلناه منجَّماً مفرَّقاً. الكاف للتشبيه، و (ذلك) تشير إلى إنزاله منجماً.
{لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}: اللام للتعليل والتوكيد، فهذا سبب وهناك سبب آخر هو {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} الإسراء: ١٠٦ أيْ: حتى يتيسر حفظه وتدوينه.
نثبت به فؤادك: الفؤاد القلب، هذه هي الحكمة. ارجع إلى سورة الحج آية (٤٦) لبيان معنى الفؤاد.
{وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}: الترتيل القراءة أكثر من كلمة، أيْ: رتلنا لك الآيات الآية بعد الأخرى (عن طريق جبريل -عليه السلام- ) أيْ: شيئاً فشيئاً، ترتيلاً تفيد التوكيد.