سورة البقرة ٢: ١٨
{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}:
{صُمٌّ}: أي: لا يستطيعون السمع، وبكم؛ لا يستطيعون النطق والكلام، عُمي لا يبصرون، أو يفهمون، عُمي البصيرة.
{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ}: في آن واحد؛ أي: يتصفون بهذه الصفات الثلاث معاً؛ أي: تعطلت عندهم هذه الحواس؛ لأنهم في ظلمات، لا يبصرون؛ أي: هم كالصم، البكم، العمي، تشبيه بليغ، فآذانهم صم، فهي لا تستمع إلى آية، أو موعظة، أو إنذار، أو وعيد، وألسنتهم لا تنطق بالحق، وهم عمي الأبصار، لا يبصرون طريق الهدى.
وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٩٧) من سورة الإسراء: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}، أو الآية (٣٩) في سورة الأنعام وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِى الظُّلُمَاتِ}.
نجد أنه أضاف الواو في أية سورة الإسراء؛ الذي يدل على أنّ هذه الآية، تتحدث عن ٣ فئات مختلفة، من النّاس: فئة تحشر عمياً، وفئة تحشر بكماً، وفئة تحشر صماً.
أما آية سورة البقرة؛ فتتحدث عن فئة واحدة، اتصفت بثلاث صفات معاً، وفي آن واحد.
{فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}: الفاء؛ تدل على التّوكيد، هم: تفيد زيادة التّوكيد، لا: النّافية؛ لكل الأزمنة.
{لَا يَرْجِعُونَ}: عن ضلالتهم، أو عن كفرهم، إلى الإيمان.
وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (١٧١) من سورة البقرة، ومثل الّذين كفروا، كمثل الذي ينعق بما لا يسمع، إلَّا دعاءً ونداءً، صمٌّ، بكمٌ، عمي، فهم لا يعقلون، نجد أنّ الآية (١٨)، جاءت في سياق الهداية، والضّلال، فهم لا يرجعون عن ضلالتهم، أو كفرهم، إلى الإيمان.
أما الآية (١٧١)، فقد جاءت في سياق التقليد، تقليد الآباء، الّذين وصفهم بأنهم لا يعقلون، في الآية (١٧٠)، والّذين قلدوهم من أبنائهم، أو غيرهم، هم كذلك؛ صمٌّ بكمٌ عميٌ، فهم لا يعقلون، لا يفكرون ويعقلون من عقل الشيء أي: عرفه بدليله وفهمه حتّى يصل إلى حكم أو نتيجة أنّ الله هو الإله الحق.