سورة الفرقان ٢٥: ٤٧
{وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}:
{وَهُوَ}: ضمير فصل يفيد التوكيد.
{الَّذِى}: اسم موصول يفيد التعظيم، وتعود على الله سبحانه.
{جَعَلَ لَكُمُ}: الجعل بعد الخلق؛ أي: بعد خلق السموات والأرض وخلق الشمس والقمر جعل أو خلق الليل والنهار وفي ذلك إشارة إلى كروية الأرض؛ أيْ: خلق الليل أولاً والنهار ثانياً وجعل، أيْ: صيَّر لكم: اللام لام الاختصاص، أيْ: لكم خاصة.
{الَّيْلَ لِبَاسًا}: شبَّه ظلام الليل باللباس الّذي يستر ويغطي الجسم من كلّ الجهات، أيْ: يستر الإنسان كما يغطي الثوب الجسم.
وهذه نعمة ورحمة من الله سبحانه على خلقه لما فيها من الفوائد مثل الراحة والسكون. فالظلام ضروري لإفراز هرمون ميلاتونين الّذي يؤدي إلى النوم، والضوء في النهار يثير منطقة في الدماغ تسمى النواة الواقعة فوق التصالب العصب البصري، والتي تؤثر على الغدة لكي تخفض إفراز الميلاتونين.
{وَالنَّوْمَ سُبَاتًا}: من السبت: لغة هو القطع، أيْ: قاطعاً للحركة، أيْ: للراحة والسكون. والسبات: تشبه مرحلة الوفاة الّتي تسبق مرحلة الموت حيث ينقطع فيها الوعي والإدراك. ويدخل الإنسان في غيبوبة والفرق بين النوم والموت أن النوم هو توقُّف جميع الحركات الإرادية ويُفقد الوعي والإدراك أو التمييز لفترة من الزّمن والروح ما زالت في الجسم، وأما الموت فهو توقف وانقطاع جميع الحركات الإرادية واللاإرادية، انقطاع تام وخروج الروح من الجسم كقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا} الزمر: ٤٢.
{وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}: وجعل النهار. ارجع إلى الآية (٦٧) من سورة يونس.
النهار نشوراً: ذا نشور: بعث ويقظة ووعي والبدء بالحركة بعد مرحلة السبات، أي: النوم ويمثل مرحلة صغرى للنشور الحقيقي هو الإحياء بعد الموت، أي: للبعث من القبور للحساب، والليل والنهار من مظاهر قدرة الله تعالى وعظمته ورحمته بالنّاس، وفيه إشارة إلى كروية الأرض ودورانها حول محورها وحول الشّمس ولولا تبادل الليل والنّهار لما استقامت الحياة على الأرض.
ويعني كذلك انتشار النّاس في الأرض لابتغاء الرزق والعمل.
{وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} الإسراء: ١٢.