سورة الفرقان ٢٥: ٦٣
{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}:
بعد أن بيَّن الله سبحانه حال المشركين وإعراضهم عن السجود وإنكارهم للسجود للرحمن، ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم يذكر بالمقابل صفات عباد الرحمن الّذين اختاروا طاعة الله وعبوديته بأنفسهم فنالوا درجة الشرف بأن أطلق عليهم سبحانه أنهم عباد الرحمن ووصفهم بـ (١٢) صفة.
{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ}: عباد: جمع عابد، وعبيد: جمع عبد، إضافة الرحمن إلى العباد للتشريف والتكريم، وهؤلاء أعلى درجة من غيرهم من العباد أمثال عبادي، عبيد. ارجع إلى سورة البقرة آية (١٨٦) لمعرفة الفرق بين عباد، عبادي، عبيد.
{الَّذِينَ}: اسم موصول فيه معنى المدح والتشريف وتكرار الّذين سبع مرات لتدل على أنهم ليسوا صنفاً واحداً أيْ: عباد الرحمن منهم من يمتاز بهذه الصفة أو تلك الصفة، ولا يعني أنهم يملكون الصفات كلها.
{يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}: يمشون برفق ولِينٍ، أيْ: تواضع لله وسكينة من دون تكبُّر ولا تجبُّر ولا تضعُّف، وليس يعني خنوعاً وذلاً.
انتبه إلى الفرق بين كلمتي الهُون: الذل والعار، كما في قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فصلت: ١٧، بينما الهون: هو الوقار والتواضع والتؤدة.
وهناك فرق بين المشي على الأرض والسير:
المشي: هو مجرد الحركة بهدف أو غير هدف، والمشي يكون ولو خطوة واحدة.
السير: يكون إلى جهة معينة وهدف محدد بغرض الدراسة أو التجارة أو العبرة أو الهجرة، ويكون لمسافات أطول.
{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}: وإذا: ظرفية زمانية تعني: حتمية الحدوث.
خاطبهم الجاهلون: جمع جاهل، والجاهل: ناقص العلم والمعرفة، والجهل في الاصطلاح: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، أو يعني: عدم المعرفة والاعتقاد بما لا يتفق مع الحقيقة، والجهل المركب كما قال علي: لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، وليس أرض خصبة للعلم والتعلم والاعتبار والنظر.
قالوا سلاماً: سلام المتاركة لا سلام الأمان أو التحية، أو تعني قولاً يسلمون فيه من الإثم بالقول السيِّئ مثل سبِّ وشتم الجاهل.
سلاماً: لا يصدر منهم إلا الكلام الطيب.
ويعفون ويصفحون ولا يقولون إلا خيراً.
أيْ: يدفع بالتي هي أحسن يقابل السيئة بالحسنة.