سورة الشعراء ٢٦: ٢٢٧
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}:
{إِلَّا}: أداة استثناء، أي: يُستثنى من هؤلاء الشّعراء الّذين في كلّ واد يهيمون ويقولون ما لا يفعلون.
{الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}: فهؤلاء عسى الله أن يتوب عليهم ويتقبَّل منهم أعمالهم الصّالحة.
{وَانْتَصَرُوا}: أمثال حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك انتصروا للإسلام، ودافعوا عنه، وعن الرّسول -صلى الله عليه وسلم- وردُّوا بشعرهم على الكفار المشركين وردُّوا السّيئة بالسّيئة والجهر بالسّوء من القول.
{مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}: من بعد ما ظُلموا من أعداء الدّين ومن الكفار.
{وَسَيَعْلَمُ}: السّين للاستقبال القريب، أي: سيعلمون عن قريب (بعد موتهم وإن طال أجلهم فهو قصير وفجأة) أو سيعلمون في دنياهم قبل موتهم كما حدث في معركة بدر وحنين وفتح مكة.
{الَّذِينَ ظَلَمُوا}: أي: الّذين أشركوا بالله أو الكفار وظالمو النّاس وأنفسهم بإعراضهم عن آيات الله وذكره، وبقولهم أنّ القرآن شعر أو قول كاهن.
{أَىَّ}: للاستفهام والإبهام.
{مُنقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}: منقلب مصير أو مرجع أو حالة إليها ينقلبون.
وهناك فرق بين المنقلب والمرجع، المرجع: هو العودة إلى الحال الّتي كان عليها قبل وقوع الحدث، والمنقلب: هو العودة إلى الحال غير الحال الّتي كان عليها قبل وقوع الحدث، والمنقلب قد يكون سيِّئاً أو حسناً.
وتنكير المنقلب وإبهامه للتهويل والتّعظيم، ليترك للعقل أن يتصور كلّ أنواع السّوء الّتي سيصير إليها، وفي الآية تهديد ووعيد لهؤلاء الّذين ظلموا للكف والتّوبة والرّجوع إلى الله.
ولا بُدَّ في الختام من القول أنّ الإسلام يفرِّق بين الشّعر المحرَّم والشّعر المباح: فالشّعر المحرم هو الّذي يخالطه الشّرك والهجاء والشّتم والنّياحة والفحش والخبث والفجور أو الخنى والكذب والباطل، وأمّا الشّعر المباح فهو الّذي يحثُّ على الجهاد والوطن والفضيلة والدّار الآخرة.