سورة النمل ٢٧: ٦١
{أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءِلَاهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}:
{أَمَّنْ}: ارجع إلى الآية (٦٠).
{جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا}: الجعل يكون بعد الخلق، الخلق أولاً، ثمّ الجعل ثانياً، جعل الأرض قراراً، من قرَّ يقرُّ: أيْ: سكن وثبت بحيث لا تميد ولا تضطرب بأهلها رغم كونها تدور حول نفسها (٣٠) كيلومتراً بالثّانية، وتدور حول الشّمس، وهذا القرار ناتج عن كتلة الحديد الضخمة الّتي تشكل (٩٠%) من لب الكتلة الصلبة للأرض و (٩%) من النيكل (١%) من بقية العناصر، وكتلة الأرض تقدر بـ (٦) آلاف مليون مليون مليون طن، فلولا ثقل هذه الكتلة لما استقرت الأرض ولترنَّحت حول محورها.
{وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا}: هناك رابطة بين الجبال والأنهار؛ لأن غالبية الأنهار تنبع من الجبال ونزول الماء من الجبال يؤدي إلى شق هذه الأنهار. ارجع إلى سورة إبراهيم آية (٣٢) والرعد آية (٣) لمزيد من البيان.
{وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ}: الجعل: يكون بعد الخلق فقد خلق الأرض أولاً، ثم جعل لها رواسي، وهي: الجبال الرّواسي وغيرها مما يثبت الأرض من الصفائح تحت البحار، وتسمَّى الصفائح القارية، فلا تضطرب إلا أحياناً مما يؤدي إلى الهزات الأرضية، أو أحياناً البراكين، وكذلك قوى الجاذبية. ارجع إلى سورة الأنبياء آية (٣١)، وسورة النّحل آية (١٥) للبيان، ولمعرفة الفرق بين ألقي فيها رواسي، وجعل لها رواسي ومزيد من البيان.
{وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا}: بين البحر العذب والبحر المالح الأجاج حاجزاً بحيث لا يختلط ماؤهما رغم أنّه يظهر للعيان أنّه يختلط، ارجع إلى الآية (٥٣) من سورة الفرقان للبيان، وسورة فاطر آية (١٢) وسورة الرّحمن آية (١٩-٢٠).
{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}: للإضراب الانتقالي، لا يعلمون: كثيراً من هذه الحقائق العلمية من استقرار الأرض رغم دورانها وتشكل الجبال والأنهار وبين البحرين حاجزاً الكثرة لا يعلمون عظمة وقدرة الله تعالى على الخلق والجعل والقلة يعلمون، وهم العلماء والباحثين في علوم الفلك والجيولوجيا، والبحار وعلماء الطبيعة.