سورة القصص ٢٨: ٤
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}:
{إِنَّ فِرْعَوْنَ}: إنّ للتوكيد.
{عَلَا فِى الْأَرْضِ}: من العلو: أي: طغى وتجبَّر واستكبر في أرض مصر.
والعلو: هو الشعور بالغرور وبالقوة أو القدرة والفوقية.
{وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا}: طوائف أو جماعات بعضهم لبعض عدو، والشّيعة بالتحديد: هي الجماعة المائلة إلى رجل ما من محبتهم له، وأصلها الحطب الدقيق الذي يُرمى في النار لتشتعل أو تشتد اشتعالاً، أو الطّائفة الّتي لها قيم ومبادئ خاصة بها مثل: طائفة الأقباط، أو بني إسرائيل، أو غيرهم لكي يبقى مستبداً بالحكم مُتبعاً شريعة فرِّق تَسُدْ وتستعبد كل منها الأخرى.
{يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ}: أيْ: بني إسرائيل واستضعافه لهم أيْ: يستعبدهم في أعمال البناء والحفر والحرث والخدمات، والسبب في ذلك؛ لأن بني إسرائيل كانوا موالين للذين حكموا مصر وأزاحوا حكم الفراعنة وهم ملوك الرعاة فلما عاد الفراعنة إلى تولي الحكم راحوا يضطهدون بني إسرائيل ومن مظاهر الاستضعاف:
{يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ}: المولودين من بني إسرائيل وأسند الذّبح إلى فرعون مع أنّه هو مجرد الآمر وجنود فرعون هم يفعلون الذّبح فهو السّبب.
{وَيَسْتَحْىِ نِسَاءَهُمْ}: نساء بني إسرائيل، يُبقي نساءَهم أحياءً للخدمة والإذلال.
ولنقارن هذه الآية بالآية (٤٩) من سورة البقرة: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}، وما قال موسى في سورة إبراهيم آية (٦): {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}، وما جاء في سورة الأعراف آية (١٤١): {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}: نجد الاختلاف في كلمتي (يذبحون، ويقتلون)، القتل: أعم من الذبح، فالقتل: يشمل الذبح والإعدام، والقتل بالرصاص، أو المواد السامة، ونجد إضافة الواو لكلمة يذبحون في سورة إبراهيم، والواو تعني: سوء العذاب + الذبح؛ أي: التذبيح غير سوء العذاب (وهذا الكلام هو كلام موسى -عليه السلام- )، وحذف الواو في آية البقرة دل على التذبيح هو سوء العذاب (وهذا الكلام هو كلام الله سبحانه) فالله سبحانه لم يعدد ويذكرهم بكل المصائب التي مرت عليهم بينما موسى ذكرهم بكل المصائب التي مرت عليهم حين عددها لهم.
{إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}: إنّه للتوكيد، كان من المفسدين بسبب كفره وطغيانه وظلمه وتكبره في الأرض وبقتل الأبناء واستحياء النّساء والتشييع.
ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٥١) لمزيد من البيان.