سورة القصص ٢٨: ٢٠
{وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}:
{وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ}: جاء من المجيء والمجيء فيه معنى الصّعوبة والمشقة، ولم يقل: وأتى الّذي فيه معنى السّهولة.
{رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ}: قيل: كان ابن عم فرعون، وقيل: ولي عهده، وقيل: صاحب الشرطة وقيل: هو الرّجل المؤمن من آل فرعون الّذي يكتم إيمانه، والّذي ورد ذكره في سورة المؤمن (غافر) كما قال ابن عباس، وقال أكثر أهل التفسير، وهو المرجح.
من أقصى المدينة: من أبعد أطرافها وآخرها، المدينة: القرية إذا اتسعت تسمَّى مدينة.
{يَسْعَى}: يُسرع يمشي مسرعاً.
{قَالَ يَامُوسَى إِنَّ}: إن للتوكيد.
{الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ}: الملأ: وجهاء القوم أيْ: رؤساء القوم أو الحكام يتشاورون فيك ليقتلوك أو يتأمرون على قتلك، وقال: يأتمرون: لأن كلّ المتشاورين يأمر بعضهم بعضاً بقتلك. ارجع إلى سورة المؤمنون آية (٢٤) لبيان معنى الملأ.
{لِيَقْتُلُوكَ}: اللام لام التّوكيد.
{فَاخْرُجْ}: الفاء للمباشرة، اخرج الآن من المدينة حالاً.
{إِنِّى}: للتوكيد.
{لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}: لك خاصة، اللام لام الاختصاص، من: ابتدائية، الناصحين: فاستمع لقولي لنصيحتي بالخروج.
لنقارن هذه الآية (٢٠) من سورة القصص وهي قوله: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}.
مع الآية (٢٠) من سورة يس: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}.
الرّجل في سورة القصص جاء ليحذر موسى فقط ليخرج من المدينة والرجل ليس مهدداً بالقتل أو أيِّ خطورة، أما الرّجل في سورة يس فجاء ليحذر القوم باتِّباع المرسلين، فهو جاء للتبليغ والدّعوة وإعلان إيمانه وتأييد الرّسل ومجيئه فيه خطر شديد على نفسه بالقتل.
إذن الرّجل في سورة يس مهدَّد بالقتل ومهمته أهم وأشد من الرّجل في سورة القصص.
كلاهما جاء يسعى مسرعاً أحدهما ليحذر موسى والآخر ليدعو قومه بالإيمان بالرّسل.
وهناك فرق بين: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى، وقوله تعالى: وجاء رجلٌ من أقصى المدينة: قدَّم الرّجل في آية القصص الّذي جاء من أقصى المدينة، أيْ: جاء في ذلك اليوم من أقصى المدينة؛ لأنّه كان في ذلك اليوم في أقصى المدينة، ولم يكن يسكن أقصى المدينة، وأما جاء من أقصى المدينة رجلٌ، (فأخَّر كلمة رجل في آية يس)؛ لأنّه كان ساكن في أقصى المدينة، ويحتاج زمناً للخروج من بيته. فقدَّم أقصى المدينة على كلمة رجل في آية ياسين وقدم الرجل على أقصى المدينة في آية القصص.