سورة آل عمران ٣: ٣٣
{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}:
المناسبة: بعد أن ذكر الله سبحانه: أن محبته تتمثل في محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وطاعة الله تعالى: تتمثل في طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ناسب أن يذكر من أحبهم الله تعالى، واصطفاهم من الرسل؛ كي نطيعهم ونصدقهم.
{إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل؛ للتوكيد.
{اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} اصطفى: اختارهما، والاصطفاء: هو أن تختار من بين الأشياء المتشابهة المتناظرة مثل الناس، أو الجن، أما الاختيار: هو أن تختار من غير المتشابهات مثلاً أن تختار من بين الناس والجن والملائكة.
والاصطفاء هنا: قد يعني: التميز؛ أي: ميَّزهم، أو اصطفاهم بالنبوَّة، أو اختارهم كصفوة خلقه.
اصطفى آدم حتى يكون أباً للبشر؛ حيث خلقه، ونفخ فيه من روحه، وعلمه الأسماء كلها، وأسجد له الملائكة.
وكيف قال سبحانه: اصطفاه، ولم يكن قبله أحد، أو معه أحد؟
الجواب: اصطفاه أن يكون أول الخلق، وأبا البشر.
واصطفى نوحاً -عليه السلام- أباً للبشر بعد الطوفان، وآدم أباً للبشر قبل الطوفان.
ونوحاً هو: بن لامك بن متوشلخ بن إدريس، وإدريس من ذرية شيث بن آدم.
اصطفى آدم ونوحاً على المؤمنين، وهل اصطفاهم بعد أن رآهم طائعين، أم علم الحق أزلاً أنهم سيكونون طائعين فاصطفاهم؟ ارجع إلى سورة الأعراف آية (١٤٤) لمزيد من البيان ومعرفة الفرق بين الاختيار والاصطفاء والاجتباء.
الجواب: علم الله سبحانه أزلاً أنهم سيكونون طائعين فاصطفاهم.
{وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}: الآل: هم الذرية، والأقارب، والأتباع.
وآل إبراهيم تشمل: إبراهيم، وذرية إسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، ومن اتبع إبراهيم -عليه السلام- ، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- من إسماعيل، وإسماعيل من إبراهيم.
وآل عمران: وعمران: هو والد مريم -عليه السلام- ، ومنها عيسى -عليه السلام- ، وآل عمران يشمل مريم، وعيسى، وزكريا، ويحيى.
وامرأة عمران: هي حنة من بني إسرائيل، وهناك عمران آخر هو أبو موسى -عليه السلام- وهارون.
وقيل: الزمن بين عمران زوج حنة أم مريم، وعمران أبو موسى وهارون هو (١٨٠٠سنة)، وبين إبراهيم وموسى (١٠٠٠سنة)، وبين موسى وعيسى -عليه السلام- (٢٠٠٠سنة).
على العالمين: اختارهما على عالمي زمانهم، وخص هؤلاء بالذكر؛ لأن الأنبياء والرسل كلهم من نسلهم.